يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عاشور أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم:
قال رسول الله : “مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ خامَةِ الزَّرْعِ يَفِيءُ ورَقُهُ مِن حَيْثُ أتَتْها الرِّيحُ تُكَفِّئُها، فإذا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وكَذلكَ المُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بالبَلاءِ، ومَثَلُ الكافِرِ كَمَثَلِ الأرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حتَّى يَقْصِمَها اللَّهُ إذا شاءَ” هذا الحديث منقول من صحيح البخاري باب ما جاء في كفارة المرضى، ومعنى الحديث:
أن المؤمن عرضة للابتلاء بكل ألوان الابتلاء أما الفاجر فيمده الله بألوان من النعم ليزداد طغيانا وفجورًا حتى يأخذه أخذ عزيز مقتدر.
-وقد شبه رسول الله المؤمن في توارد ألوان البلاء عليه بالخامة من الزرع أي النبتة الصغيرة الطرية من حيث أتتها الريح كفأتها أي أمالتها هنا وهناك فإذا سكنت الريح اعتدلت النبتة إلى أن تعود الريح للهبوب مرة أخرى فيعود للنبتة ما كان لها من تكافؤ وهكذا المؤمن تتوالى عليه ألوان المحن؛ إذ ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هّم ولا حزن ولا أذى ولا غّم وحتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.

-أما الفاجر فقد شبهه رسول الله بالأرزة وهي شجرة الصنوبر ؛ تلكم الشجرة القوية الثابتة التي لا تؤثر فيها الرياح حتى تهب عليها عاصفة قوية تقتلعها أو تكسرها فالفاجر أو الكافر كالأرز أي كشجرة الصنوبر صماء أي صلبة شديدة بلا تجويف معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء أن يكسرها .
-قال بعضهم معنى الحديث أن المؤمن حيث جاءه أمر له مكروه صبر ورجا فيه الخير الكثير والأجر فإذا اندفع عنه البلاء اعتدل شاكرًا؛ والكافر يحصل له التيسير في الدنيا حتى إذا أرد الله إهلاكه قصمه فيكون موته أشد عذابا عليه وأكثر ألما في خروج نفسه.