من سافر سفرا مباحا ـ على خلاف بين الفقهاء في تحديد مسافة القصر ـ فإنه يجوز له أن يفطر في صيام رمضان. لقوله تعالى:” فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” [البقرة: 184].
وروى أصحاب السنن وأحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رَجُلٍ مِنْ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ إِخْوَةِ بَنِى قُشَيْرٍ – قَالَ أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ -ﷺ- فَانْتَهَيْتُ – أَوْ قَالَ فَانْطَلَقْتُ – إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -ﷺ- وَهُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ « اجْلِسْ فَأَصِبْ مِنْ طَعَامِنَا هَذَا ». فَقُلْتُ إِنِّى صَائِمٌ. قَالَ « اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّلاَةِ وَعَنِ الصِّيَامِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلاَةِ أَوْ نِصْفَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ وَعَنِ الْمُرْضِعِ أَوِ الْحُبْلَى » فمن سافر مسافة القصر فإن الفطر يباح له، ولا يلزمه إلا قضاء ما تركه بلا كفارة. الحديث
فمن سافر مسافة القصر فإن الفطر يباح له، ولا يلزمه إلا قضاء ما تركه بلا كفارة.
وتنتهي رخصة السفر بكون المسافر مقيماً، أو عودة المسافر لوطنه فحينها تسقط عنه رخصة السفر.
وللفقهاء كلام في تحقق هذه الإقامة.
متى تسقط رخصة المسافر؟
الأول : إذا عاد المسافر إلى بلده , ودخل وطنه , وهو محل إقامته , ولو كان دخوله بشيء نسيه , يجب عليه الصوم , كما لو قدم ليلا , أو قدم قبل نصف النهار عند الحنفية . أما لو قدم نهارا , ولم ينو الصوم ليلا , أو قدم بعد نصف النهار – عند الحنفية , ولم يكن نوى الصوم قبلا – فإنه يمسك بقية النهار , على خلاف وتفصيل في وجوب إمساكه .
الثاني : إذا نوى المسافر الإقامة مطلقا , أو مدة الإقامة التي تقدمت في شروط جواز فطر المسافر في مكان واحد,[1] وكان المكان صالحا للإقامة , لا كالسفينة والمفازة ودار الحرب , فإنه يصير مقيما بذلك , فيتم الصلاة , ويصوم ولا يفطر في رمضان, لانقطاع حكم السفر .
والراجح عند شيخ الإسلام ابن تيمية أن المسافر له أن يتمتع برخص السفر ما لم ينو الاستيطان أو الإقامة المطلقة فإن أحكام السفر لا تزال منسحبة عليه سواء أنوى إقامة أربعة أيام أو أقل أو أكثر، وذلك لعموم الأدلة الدالة على ثبوت الرخصة للمسافر بدون تحديد، والقول بتحديد المدة بالأيام لم يرد به دليل صحيح.
متى تنتهي رخصة السفر للصلاة؟
وأيضا فمن جعل للمقام حدا من الأيام إما ثلاثة وإما أربعة وإما عشرة وأما اثني عشر وإما خمسة عشر فإنه قال قولا لا دليل عليه من جهة الشرع. أهـ
وعلى هذا فالمسألة خلافية، والذي نرجحه هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية.
[1]قيل مدة الإقامة المعتبرة خمسة عشرة يوما عند الحنفية، وقيل أربعة أيام عند المالكية والشافعية، ولا يحسب يوم الدخول والخروج منها، والحنابلة ذهبوا إلى أن من نوى أن يقيم أكثر من واحد وعشرين صلاة فإنه مقيم.