المعتبر شرعاً وقدراً اختلاف المطالع بما يعني اختلاف بدايات الشهور العربية، وعليه فلأهل كل مطلع ليلة للقدر مختصة بهم يشاركهم غيرهم في جزء منها، تنتهي عند طلوع الفجر عندهم وقد تستمر عند أهل مطلع آخر حتى طلوع الفجر عندهم، علما أن أقصى مدار للشمس هو أربع وعشرون ساعة، فربما استمرت ليلة القدر في الأرض كلها أربعاً وعشرين ساعة، ليس لأهل كل مطلع إلا قدر الليل عندهم.

متى تكون ليلة القدر

يقول الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى -ليلة القدر أخبر النبي أنها في العشر الأخيرة من رمضان، وبيَّن عليه الصلاة والسلام أن أوتار العشر آكد من أشفاعها، فمن قامها جميعًا أدرك ليلة القدر، وقد صح عن رسول الله أنه قال: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” والمعنى أن من قامها بالصلاة وسائر أنواع العبادة: من قراءة ودعاء وصدقة وغير ذلك إيمانًا بأن الله شرع ذلك واحتسابًا للثواب من عنده لا رياء ولا لغرض آخر من أغراض الدنيا غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
وهذا عند جمهور أهل العلم مقيد باجتناب الكبائر، لقول النبي : “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر” أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

فضل قيام ليلة القدر

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام.

في هذا الحديثِ بِشارةٌ عظيمةٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِفضل ليلةِ القدرِ، وأنَّ مَن أحيَا هذه اللَّيلةَ المبارَكةَ بالصَّلاةِ وتلاوةِ القرآنِ، غفَر اللهُ له ذنوبَه السَّابقةَ- غيرَ الحقوقِ الآدميَّةِ؛ لأنَّ الإجماعَ قائمٌ على أنَّها لا تسقُطُ إلَّا برِضاهم- على أنْ يفعَلَ ذلك “إيمانًا واحتسابًا”، أي: تصديقًا بفضلِ هذه اللَّيلةِ، وفضلِ العملِ فيها، وابتغاءً لوجهِ اللهِ في عبادتِه.

اجتهاد النبي في العشر الأواخر من رمضان

روى مسلم في صحيحه (كان رسول اللهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها) بالصلاة والقراءة والدعاء والذكر، فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي : (كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر).