النفقة في قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } تشمل الزكاة المفروضة بما في ذلك زكاة الزروع والثمار، كما تشمل الصدقة النافلة. ولكن المقصود في الآية هو اختيار أفضل وأطيب الأموال للزكاة والصدقة، فينبغي للمزكي والمتصدق أن يتخير أفضل ما عنده فيزكي ويتصدق به.

يقول الشيخ عطية صقر، رحمه الله تعالى:

قوله تعالى: { أنفقوا من طيبات ما كسبتم} إلى آخره، الأمر في الآية بالإنفاق يشمل الإنفاق الواجب والإنفاق المندوب، يعني: يشمل الزكاة وصدقة التطوع، ولكن الظاهر أن المقصود بالأمر هو: أن يكون الإنفاق من الطيب لا من الرديء، سواء أكان ذلك في الزكاة أو الصدقة، ولذلك جاء النهي في الآية نفسها عن تعمد إخراج الرديء، وذلك بأسلوب قوي حكيم وهو قوله ـ تعالى: { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه }.
وإذا كان لا يرضى أن يأخذ الرديء الخبيث إلا مع امتعاض نفس، فلا ينبغي أن يعطي الخبيث في الزكاة أو الصدقة لغيره من الناس؛ تحقيقا لحديث: ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
وإذا كانت هناك زروع أو زكاة لهذه الزروع والثمار، وهي مما يخرج من الأرض، فإن الأمر بإنفاق الطيب يشمل: الزروع والثمار، ويشمل غيرها من كل ما يكسبه الإنسان من أي مصدر من المصادر.

ومن أحب الأمور في إخراج الزكاة أن يخرجها الإنسان من الطيب من ماله لهذه الآية ، فقد نزلت فيمن كانوا يتصدقون بالخبيث من محصولهم . ومن أحبها أن يعطيها سراً لمستحقيها منعاً للرياء، ولعدم جرح شعور الآخذين، ولا بأس بإعطائها علناً وجهراً إذا كان الموقف يستدعي ذلك، كالدعوة إلى التبرع، أو تمويل شيء هام؛ حتى يتنافس الناس في السبق و الكثرة قال ـ تعالى: { إن تبدوا الصدقات فنِعِمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم }.
وللنية دخل كبير في مثل هذه الأمور.
ومن الأفضل التعجيل بإخراج الزكاة، ما لم يوجد ما يدعو إلى تأخيرها: كوصول الغائب الذي يستحقها.
كما أن من الأفضل أن يخرج أكثر من القدر الواجب؛ ليتأكد القيام بالحد الأدنى، وما زاد على ذلك فله أجره عند الله.