ذكر ابن قدامة في كتابه “المغني” أنَّ مَنْ أَكَلَ يَظُنُّ أن الفجر لم يَطلُع وقد كان طَلَع أو أَفْطَرَ يَظُنُّ أن الشمس قد غابت ولم تَغِبْ ـ أن عليه القضاء، وذلك مع وجوب الإمساك على مَنْ أكَلَ ظانًّا عدم طلوع الفجر، وقال ابن قدامة: إن هذا الحكم هو قول أكثر أهل العلم ثم حَكَى عن بعض التابعين أنه لا قضاء عليه، وذكر في ذلك أثرًا عن عمر ـ رضي الله عنه ـ ولكن الرأي الأول هو المعوَّل عليه، وذلك لحديث البخاري أنهم أُمِرُوا بقضاء يوم أَفْطَرُوا فيه لوجود غَيْمٍ ثم طَلَعَتِ الشمس.
هذا في الظَّنِّ ـ وهو إدراك الطرَف الراجِح ـ أما الشك وهو إدراك الطرفين على السوء، والطرفان هما طلوع الفجر وعدم طلوعه، فقد قال فيه ابن قدامة أيضًا: وإن أَكَلَ شاكًّا في طلوع الفجر ولم يَتَبَيَّن الأمر فليس عليه قضاء، لأن المَدار على تَبَيُّنِ طلوع الفجر، قال تعالى: (وَكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) (سورة البقرة : 187) وقال: إن هذا هو رأي الشافعي وأصحاب الرأي ـ الحنفية ـ ولكن مالكًا أَوْجَب القضاء، لأن الأصل بقاء الصوم في ذِمَّتِه فلا يَسقُط بالشك، وذَكَرَ أنَّ الأكْل عند الشك في غروب الشمس ولم يُتَبَيَّن الأمْر يُوجِب القضاء.