يقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى-: علماء التجويد، تجويد القرآن الكريم واجب وجوبًا شرعيا يُثاب القارئ على فعله، ويعاقب على تركه، وهو فرض عين عَلَى من يريد قراءة القرآن؛ لأنه نزل على نبينا -ﷺ- مُجودًا، ووصل إلينا كذلك بالتواتر.
وقد أخرج ابن خزيمة في صحيحه عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله -ﷺ- “إن الله يحب أن يُقرأ القرآن كما أُنزل.
قال تعالى : (وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) [سورة المزمل ” 4]. وقال : (وَرَتَّلْنَاه تَرْتِيلًا) [سورة الفرقان : 32].
والترتيل مأخوذ من قولهم : رتل فلان كلامه إذا أتبع بعضه بعضاً على مُكث وتفهُّم من غير عجلة.
وقد سئل الإمام على -رضى الله عنه- عن معنى التريتل فقال : هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
وقال ابن عباس في تفسير الآية الأولى : معنى (رَتِّلْ الْقُرْآنَ) بيَّنه. وقال مجاهد تأنّ فيه. وقال الضحاك : انبذه حرفًا حرفًا وتلبَّث في قراءته وتمهَّل فيها، وافصل الحرف من الحرف الذي بعده.
وقال الإمام الغزالي في كتابه “الإحياء” : تلاوة القرآن حق تلاوته، هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب. فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظُّ العقل تفسير المعاني، وحظُّ القلب الاتعاظ والتأثير.
وقال ابن الجزري :
والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجوِّد القرآن آثم
لأنه به الإله أنزلا وهكذا منه إلينا وصلا
قال صاحب النشر في تفسير ما قاله الإمام على في معنى الترتيل : التجويد هو حِلْية القراءة، ويكون بإعطاء كل حرف من حروف الهجاء حقه ومستحقه، أي أنه يجب أن تكون حروفه مرتبة، ويرد كل حرف إلى مخرجه وأصله، ويلطف النطق على كمال هيئته من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف.
والوقف : هو قطع الصوت على آخر كلمة زمنًا يتنفس فيه القارئ. أهـ.
وهذا التجويد يتنافى مع اللَّحن، الذي هو الميل عن الصواب، وهو قسمان :
القسم الأول: لحن جَلي واضح إذا كان فيه إبدال حرف بحرف أو حركة بحركة بحيث يكون هناك إخلال بالمعنى، كالذي ينطق التاء في (يقنت ) طاء ( يقنط ) وكالذي يضم تاء ( أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) .
والقسم الثاني: من اللَّحن لحنٌ خَفي لا يدركه إلا المختصون من العارفين بأحكام القراءة، وهو يُخل بالأداء ولا يخل بالمعنى، كقصر الممدود وإظهار المدغم وتفخيم المرقق وهكذا .
والتجويد الذي يحفظ من هذا اللَّحن الخفي مستحب، ولا يأثم تاركه، وقيل يأثم عند تعمد هذا اللحن .
والتجويد وبخاصة ما يُراعى فيه إعطاء المدود والغنات حقَّها وما يماثل ذلك يصعب أو يتعذر الاستقلال بمعرفته من الكتب، بل لابد له من التلقي والمشافهة عن العارفين به .