من المعلوم أن استقبال القِبْلَةِ شرط لصحة الصلاة لقوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [سورة البقرة : 144]. سواء أكانت الصلاة في الحضر أم في السفر، وهذا في صلاة الفرض.
أما في صلاة النَّافِلَة فلا تصح في الحَضَر إلا مع استقبال القِبْلَة، ولكن في السفر يجوز أن تُصلَّى إلى حيث اتجاه المُسافر.
فقد روى البخاري ومسلم عن عامر بن ربيعة قال : رأيت رسول الله -ﷺ- يصلِّي على راحلته حيث توجهت به، وزاد البخاري : يُومئ، أي يشير برأسه إلى السجود.
وفي الترمذي : ولم يكن يصنعه في المكتوبة أي المفروضة : يعني كان ذلك في صلاة النَّفل، وفي ذلك نزل قوله تعالى : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [سورة البقرة: 115] كما جاء في صحيح مسلم وغيره عندما رأوا أن النبي -ﷺ- كان يصلِّي على راحلته وهو مُقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، يعني كان ظهره إلى الكعبة.
هذا في الصلاة لراكب الدَّابة.
أما راكب القِطار والسفينة والطائرة وما يمكن التحرك فيه بسهولة فقد جاء في فقه المذاهب الأربعة أن عليه أن يستقبل القِبْلَة متى قَدَرَ على ذلك، وليس له أن يصلِّي إلى غير جهتها حتى لو دارت السفينة وهو يصلِّي وجب عليه أن يدور إلى جهة القِبْلَة حيث دارت، فإن عَجَزَ عن استقبالها صَلَّى إلى جِهة قدرته ويسقط عنه السجود أيضًا إذا عَجَزَ عنه، ومَحَلُّ ذَلِكَ إذا خَافَ خروج الوقت قبل أن تصلَ السفينة أو القاطرة إلى المكان الذي يُصَلِّي فيه صلاة كامِلَة ولا تجب عليه الإعادة، ومثل السفينة القُطُر البُخارية البرية. انتهى.
وراكب السيارة التي لا يمكنه التحرُّك فيها كراكب الدَّابة، إن استطاع النزول وأمِن على نفسه وماله وأمِن الانقطاع عن الرِّفقة لا تجوز له الصلاة فيها، أما إذا لم يستطع النزول ولم يأمن على ما ذكر صلَّى إلى أية جهة وسقطت عنه الأركان التي لا يستطيعها ولا إعادة عليه.
وكلُّ ذلك إذا خاف خروج الوقت قبل الوصول إلى مكان يمكنه أن يُصَلِّي فِيه، أما إذا لم يخف فلا تجوز الصلاة إلا كَامِلَة.