يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي -رحمه الله – في كتابه يسألونك..:
إن مثل هذا الرجل الفاسق يتَّخذ من الحج أُلعوبة في يده، ويتخذ أحكام الله هُزُوًا وسخرية، وما دامت نِيَّتُهُ معقودة على العودة إلى الفاحشة والإثم، فأيُّ فائدة يَستفيدها من حجِّه وتعبه، وما هو الأثر الذي يتركه مثل هذا الحج الشكلي الصوري في تَديُّنِهِ وأخلاقه؟
إن سيدنا رسول الله ـ ﷺ ـ قد قال في حديثه الشريف: “مَن حجَّ لله فلم يرْفُثْ ولم يَفْسُقْ رجعَ كيومِ وَلَدَتْهُ أمُّه. ومثل هذا الحج المبرور لا بد أن تصحبه عزيمة صادقة على التوْبة النَّصوح، الذي يعزم عزْمًا أكيدًا على عدم الرجوع إلى المعصية، فأين هذا من قول الله ـ تبارك وتعالى ـ: (الحجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فيهِنَّ الحجَّ فَلاَ رَفَثَ ولاَ فُسُوقَ ولاَ جِدَالَ في الحَجِّ ومَا تَفْعَلُوا مِن خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وتَزَوَّدُوا فإنَّ خيرَ الزَّادِ التَّقْوَى واتَّقُونِي يا أُولِي الأَلْبَابِ)0 (البقرة: 197).
وليت ذنبه الذي ارتكبه كان هفْوةً يسيرةً أو ذنبًا خفيفًا، بل هو أخَذ يزني مع أن الله ـ جل جلاله ـ يقول: (لا تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلاً)0 (الإسراء: 32). ويقول الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن”.
وهذا الرجل يرتكب تلك الفاحشة الكبيرة الشنيعة بحُجَّة أنه سيجدِّد حجَّته ليغفر الله له إذا كرَّر حجته، ومَن الذي أخبره أن الله ـ عز وجل ـ يقبل توبة المُخادعين المُنافقين، الذين يقولون ما لا يفعلون؟ ومن الذي أوهم ذلك المُذنب الأثيم أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ سيمدُّ له في أجله ويُمهله على قيد الحياة حتى يرتكب جريمته، ويُكرر حجته؟ إن هذا من غير ريب هو علْم الضالين المُفسدين المَطرودين من رحمة الله سبحانه.