هذه آية من سورة الطور جاء قبلها قوله تعالى: (أم خُلِقُوا من غَيْرِ شَيءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ . أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالَأرْضِ بَلْ لَا يُوقِنُونَ) (سورة الطور: 35، 36).
وهما من ضِمْنِ الأساليب التي تَرُدُّ على المُشركين الذين كذَّبوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في دعْوَتِهِ أن هناك إلهًا واحدًا خَلَقهم جميعًا، وأنَّ الأصنام التي يعبدونها عاجزةٌ عن خلْق أي شيء.
فتستنكر الآية الأولى أنهم خُلِقُوا من غير شيء أي: من غير إله خَلَقَهُمْ وقدَّرهم، كما قال ابن عباس، ولم يعرفوا المادةَ التي خُلِقُوا منها وهي ماءٌ مَهينٌ سوَّاه الله ونَفَخَ فيه من رُوحه، فهل خَلَقوا هم أنفسهم أو خَلَقَتْهُمْ الأصنام التي يعبدونها.
والآية الثانية تستنكر أن الأصنام خَلَقت أي شيء، بل هي نفسها مخلوقة، وصَنَعَهَا من يعبدونها بأيديهم، وأين كان هؤلاء الأصنام حين خَلَقَ السمواتِ والأرضَ، وما داموا لم يَخْلُقُوا السموات والأرض ولم يَخْلُقُوا أنفسهم فبأيّ شيء يستحقون العبادة؟
إن المشركين لا يؤمنون بالحق الذي جاءهم به محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يُوقنون بإجابة صحيحة عن هذه التساؤلات.