الفتح المذكور في الآية هو صلح الحُديبية في السنة السادسة من الهجرة؛ لأنّه كان مقدِّمة لفتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة، وهو قول كثير من المفسرين؟
والذّنْب الذي غفره الله للرسول مختلَف فيه كثيرًا، فالمتقدِّم منه ما كان قبل الرسالة، والمتأخِّر ما كان بعدها، أو المتقدِّم ما كان قبل الفتح، والمتأخِّر ما كان بعده.
والكلام كثير في وقوع الذنب من الرسول.
فالإجماع على أن الكَبائر لم تقع منه أو من الرسل الآخرين بعد تشريفهم بالرسالة، أمّا الصغائر فقيل: تقع منهم بشرط ألا تكون فيها خِسّة لا تَليق بمقامهم.
وقيل: إن ما يقع منهم هو صورة الذَّنْب وليس ذنبًا، بل هو من باب : حَسنات الأبرارِ سيِّئات المُقرَّبين.
والمهم هو بيان الربط بن الفتح والمغفرة للذنوب وأثرها في نفس الرسول.
وقد ثبت أن الرسول فَرِحَ بنزول هذه الآية، كما رواه الترمذي بسند حسن صحيح عن أنس قال: أنزلت على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ “ليغفِرَ لكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ ومَا تَأَخَّرَ” مرجِعَه من الحُديبية فقال: “لقد أُنزلت عليَّ آية أحبّ إلى ممّا على وجه الأرض” ثم قرأها.
وفي الربط بين الفتح والمغفرة قال الزمخشري: لم يجعل الفتح علّة للمغفرة، ولكن لاجتماع ما عدَّدَ من الأمور الأربعة وهي: المغفرة ، وإتمام النِّعمة، وهِداية الصراط المستقيم، والنّصر العزيز، كأنه قال: يَسَّرْنا لك فتح مكّة ونصرناك على عدوِّك؛ ليجمع لك عزَّ الدارين وإعراض العاجل والآجل.
ويجوز أن يكون فتح مكّة من حيث إنه جهاد للعدو سببًا للغُفران والثواب.