اتفق الفقهاء على النهي عن الذبح للميت ، لأن هذه عادة جاهلية ، فجاء الإسلام ملغيا لها ، بقول النبي ﷺ فيما أخرجه الشيخان وغيرهما” لا عقر في الإسلام.
قال ابن الأثير: هذا نفي للعادة الجاهلية وتحذير منها كانوا في الجاهلية يعقرون الإبل أي ينحرونها على قبور الموتى ويقولون صاحب القبر كان يعقرها للأضياف في حياته فيكافأ بصنيعه بعد موته.أ.هـ
بل وذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى كراهة الأكل منه ، كما حكى عنه ذلك المجد ابن تيمية رحمه الله .
كما كره الحنابلة توزيع الصدقات كالخبز عند القبر.
ويستوي في الكراهة أن يذبح عند القبر ، أو يذبح بعيدا عن القبر، لأن العلة من الذبح واحدة ، وهو الذبح للميت .
قال الإمام أحمد : كانوا إذا مات لهم الميت نحروا جزورا فنهى ﷺ. انتهى
وقال الشيخ منصور البهوتي من علماء الحنابلة :
وإخراج الصدقة مع الجنازة كالتي يسمونها بمصر كفارة بدعة مكروهة ، وقد تكون حراما .أ.هـ
كما أن هذا الفعل مخالف لما جاء به الإسلام من الذبح لأهل الميت ، لأنه جاءهم ما يشغلهم من الحزن والبكاء والتأثر بفقد الحبيب ، فلم يكن عندهم ما يجعلهم يعيشون حياة طبيعية كما يحيا الناس ، فحث الشرع إلى أن يقدم الجيران والأقارب الأباعد لأهل الميت طعاما .
ولذا لما مات جعفر بن أبي طالب عم النبي ﷺ في غزوة مؤتة ، قال النبي ﷺ لأصحابه :” اصنعوا لآل جعفر طعاما , فإنه قد جاءهم أمر يشغلهم عنه ).
وهذا الحكم مرتبط بكون عمل أهل الميت ذلك ، تأسيا بأفعال الجاهلية، أو تقديما لواجب الضيافة لمن يأتي لتعزيتهم ، أما إن كان المقصود منه التصدق ووهب ثواب الفعل للميت ، فليس في الإسلام ما يمنع هذا ، لأنه من المشروع التصدق للميت.
يقول الشيخ عطية صقر -رحمه الله :
لو ذُبِحَت الماشية بقصد توزيع لَحْمِهَا على الفُقَراء صَدَقَة على رُوح الميت فلا مانع منه؛ لأنه جاء في الحديث عن بِرِّ الأبوين بعد موتهما قول الرسول ـ ﷺ ـ للسائل “الصَّدَقة عليهما والدُّعَاء لهما”.
وإذا كان الذبح لإطعام من يحضرون للعزاء فهو منافٍ لهدي النبي ـ ﷺ ـ في إعداد الناس طعامًا لأهل الميت لا العكس.أ.هـ
ولما كان التصدق على الميت ليس له شكل واحد، وأن في الذبح شبهة التأسي بالجاهلية ، ومخالفة الهدي من مساعدة أهل الميت ،وصنع طعام لهم ، فكان من الأولى الابتعاد عن الذبح ، وأن يتم التصدق بطريق آخر، وإن كان لابد ، فليكن الذبح للفقراء وحدهم .