يحرم على المرأة أثناء الحج أن تلبس النقاب سواء أكانت تلبسه في غير الحج أم لا، وسواء أكانت تلبسه على القول بفرضيته كما هو مذهب بعض العلماء، أم كانت تلبسه استحسنا كما هو مذهب جمهور العلماء، أم كانت تلبسه طبعا وعادة.
وأما تغطية الوجه بغير النقاب كإسدال الثياب على وجهها من فوق رأسها دون أن يكون ذلك بجزء محدد كالبرقع أو النقاب فليس حراما، ولكن الأفضل تركه إلا في حضرة الرجال.
وأما من لبست النقاب في حجها أو عمرتها السابقين اعتقادا منها بأن ذلك جائز فلا شيء عليها لأنها تنزل منزلة الجاهل بالحكم.
1- ستر الوجه للمرأة خلق حسن ورحم الله المنتقبات رحمة كبيرة، ومن الحرص الأعظم أن نحافظ على أوامر الدين التي تأمر النساء بنزع النقاب عن وجوههن عند الصلاة وفي الحج .ولكن في الصلاة خاصة فإنه لا يحل ستر الوجه بحال إلا إن حضر من الرجال من هو من غير المحارم.
وفي الحج يجوز للمرأة أن تسدل على وجهها الغطاء إن لم يكن مفصلاً على حدود وجهها فالنقاب وهو ما يسمى ( البرقع ) لا يحل للمحرمة اتخاذه، ويحل لها أن تسدل على وجهها غطاءاً تلقيه من رأسها على وجهها إلا إن تعذر غير النقاب ( البرقع) وحضر من لا يحل له النظر إلى وجه المرأة فإنه يحل لها النقاب ( البرقع) وإلا فلا.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ” قام رجل فقال يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام فقال النبي ﷺ لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا الورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين . رواه البخاري( 1468 ) ومسلم ( 1177 ).
2- وأما جواز السدل على الوجه بغير النقاب أو خشية الرجال الأجانب، فقد صحَّ ذلك عن بعض الصحابيات الجليلات:
عن عائشة قالت: كنا نخرج مع رسول الله ﷺ ونحن محرمات فإذا التقينا الركبان سدلنا الثوب على وجوهنا سدلاً. رواه أبو داود ( 1833 ) وابن ماجه ( 2935 ).
يقول الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى -:
لم يرد عن النبي ﷺ أنه حرّم على المحرمة تغطية وجهها وإنما حرم عليها النقاب فقط لأنه لباس الوجه وفرق بين النقاب وتغطية الوجه وعلى هذا فلو أن المرأة المحرمة غطت وجهها لقلنا : هذا لا بأس به، ولكن الأفضل أن تكشفه ما لم يكن حولها رجال أجانب فيجب عليها أن تستر وجهها عنهم . ” الشرح الممتع ” ( 7/153 ).
( وهذا بناء على قول من يرى وجوب النقاب أصلا، أما من لم يره واجبا في ذاته فلا يوجبه هنا أيضا).
3- أما بالنسبة لما مضى من لبس النقاب أثناء الإحرام جهلا منها أثناء الحج فلا شيء عليها لعذر الجهل، وكل محظورات الإحرام من فعلها جاهلاً أو ناسياً: فلا إثم عليه ولا فدية.
فعن يعلى بن أمية رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي ﷺ وهو بالجعرانة قد أهل بالعمرة وهو مُصفر لحيته ورأسه وعليه جبة فقال يا رسول الله إني أحرمت بعمرة وأنا كما ترى فقال انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة وما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك. رواه البخاري ( 1697 ) ومسلم ( 1180 ).
قال الشيخ ابن عثيمين:
ومثل النسيان: الجهل والإكراه، أي: لو أن الإنسان نسي فلبس ثوباً وهو محرم فليس عليه شيء، ولكن عليه متى ذكر أن يخلعه ويلبس الإزار والرداء، وكذلك الطيب، فلو تطيب وهو محرم ناسياً فلا شيء عليه، لكن عليه إذا ذكر أن يبادر بغسله. ” الشرح الممتع ” (7/222).