يجب الصوم إن ظهر الهلال لقوله صلى الله عليه وسلم “صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته..”، وكذلك يجب إكمال شعبان ثلاثين يوما إن لم يظهر بسبب غيم ونحوه.

أما إن اختلفت المطالع فقد اختلف العلماء فالشافعية يرون أن لكل بلد مطلعه، وجمهور الفقهاء يرى أن توحيد المسلمين أولى، ونظرا للتقدم العلمي في وسائل الاتصالات، فالأخذ برأي الجمهور أولى وهي ما استقر عليه رأي مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عام 1966م .

صوم المسلمين مع اختلاف المطالع والرأي فيه:

روى البخاري عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكمِلوا عدة شعبان ثلاثين يومًا”.

وقد بيَّن هذا الحديث أنه متى ثبتت رؤية هلال رمضان فإن الصوم في هذه الحالة يجب على جميع المسلمين بالإجماع، أما إذا لم تثبت رؤية الهلال ـ ولم يكن هناك مانعٌ بالسماء يَحول دون رؤيته ـ ففي هذه الحالة يجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا.

وكذلك إذا حالت دون رؤية الهلالِ سُحُبٌ أو غَيْمٌ أو نحوُه، مما يجعل رؤيته مستحيلة، يجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا.

وفي سبيل توحيد بَدْء صيام رمضان وانتهائه قال جمهور الفقهاء: إنه لا عبرةَ باختلاف المطالع في إثبات رؤية هلال رمضان، وإنه إذا رُؤيَ الهلال في بلد ولم يَرَهُ أهلُ بلدٍ آخرَ يجبُ على أهل البلد الآخَر الذين لم يَرَوْهُ أن يصوموا برؤية أولئك الذين رَأَوْهُ.

قال الكمَال بن الهُمَام الحنفي صاحب الفتح: وإذا ثبت في مصرٍ لَزِم سائرَ الناس، فيَلزَم أهلَ المشرق برؤية أهل المغرب في ظاهر المذهب لعموم الخطاب في قوله صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته” وقيل: يختلف باختلاف المطالع؛ لأن السببَ الشهرُ، وانعقادُه في حق قومٍ للرؤية لا يستلزم انعقادَه في حق الآخَرين مع اختلاف المطالع.

وممن قال بهذا الرأي الشافعيةُ، فقد جاء في المجموع شرح المهذَّب ما ملخصه: “وإن رأَوْا هلال رمضان في بلد، ولم يَرَوه في آخَرَ؛ فإن تَقارَبَ البلدان فحُكمُهما حُكمُ بلد واحد، ويلزم أهلَ البلدِ الآخَرِ الصومُ بلا خلاف، وإن تباعد فالصحيح أنه لا يجب الصوم على أهل البلد الأخرى”.

والراجح رأي الجمهور؛ وهو أنه لا عبرة باختلاف المطالع، لقوة دليله، ولأنه يتفق مع ما يقصد إليه الشارع من وحدة المسلمين وجمع كلمتهم، وأنه متى تحققت رؤية الهلال في أي بلد من البلاد الإسلامية يمكن القول بوجوب الصوم على جميع المسلمين الذين تشترك بلادهم مع بلد الرؤية في جزء من الليل.

هذا وقد استقر رأي علماء مَجمَع البحوث الإسلامية بالأزهر في المؤتمر الثالث المنعقد بتاريخ 13 من رجب 1386 هـ ـ الموافق 27 من أكتوبر 1966م بشأن تحديد أوائل الشهور القمرية على ما يلي:

1 ـ يقرر المؤتمر:

(أ) أن الرؤية هي الأصل في معرفة دخول أي شهر قمري، كما يدل عليه الحديث الشريف، فالرؤية هي الأساس.

(ب) يكون ثبوت رؤية الهلال بالتواتر والاستفاضة، كما يكون بخبر الواحد ذكرًا كان أو أنثى، إذا لم تتمكن التُّهْمة في إخباره لسبب من الأسباب، ومن هذا الأسباب مخالفةُ الحساب الفلكي الموثوقِ به الصادرِ ممن يُوثَق به.

(جـ) خبر الواحد مُلزِم له ولمن يَثِق به، أما إلزام الكافة فلا يكون إلا بعد ثبوت الرؤية عند من خصَّصته الدولة الإسلامية للنظر في ذلك.

(د) يُعتَمد على الحساب في إثبات دخول الشهر إذا لم تتحقق الرؤية ولم يتيسر الوصول إلى تمام الشهر السابق ثلاثين يومًا.

2 ـ يرى المؤتمر أنه لا عبرة باختلاف المطالع وإن تباعدت الأقاليم، متى كانت مشتركة في جزء من ليلة الرؤية وإن قلَّ، ويكون اختلاف المطالع معتَبَرًا بين الأقاليم التي لا تشترك في جزء من هذه الليلة.

3 ـ يُهيب المؤتمر بالشعوب والحكومات الإسلامية أن يكون في كل إقليم إسلامي هيئةٌ إسلاميةٌ يُناط بها إثباتُ الشهور القمرية، مع مراعاة اتصال بعضها ببعض والاتصال بالمراصد والفلكيين والموثوق بهم.

ورأي الجمهور في هذا الموضع هو أكثر رجوحا لقوة أدلتهم، وتمشيًا مع ما وصلت إليه الاتصالات السلكية واللاسلكية بين الدول الإسلامية المختلفة المتباعدة، وما تطورت إليه وسائل الإعلام الحديثة المسموعة والمرئية، وما ترتب على ذلك من يُسر الاتصالات بين البلاد الإسلامية في شتى البقاع، حيث أصبح من الميسور جدًّا أن يُنقَل الخبر في لحظات من دولة إلى أخرى عن طريق وكالات الأنباء المختلفة بواسطة المذياع والتليفزيون أو عن طريق البرق والهاتف.

وبهذا يكون العمل بما قال به جمهور الفقهاء سهلاً ميسورًا في متناول أي مسلم في أي بلد إسلامي، وهذا بدوره يؤدي إلى اتفاق المسلمين وتوافقهم في الرأي والعمل.

كيف تثبت رؤية هلال شهر شوال:

يثبت شهر شوال برؤية هلاله على الوجه التالي: ففي الفقه الحنفي يثبت هلال شوال بشهادة رجلين عَدْلَيْنِ، أو رجل وامرأتين كذلك، إن كانت السماء بها عِلّة، كغَيمٍ ونحوه، أما إن كانت صحوًا فلابد من رؤية جماعة كثيرين، ويلزم أن يقول الشاهد: أشهد..

وفي الفقه المالكي يثبت هلال شوال برؤية العَدلَيْنِ أو الجماعة المستفيضة، وهي الجماعة الكثيرة التي يُؤمَن تَواطؤُها على الكذب ويفيد خبرُها العلمَ. ولا يُشترَط فيها الحريةُ ولا الذكورةُ، كما تقدم في ثبوت هلال رمضان.

وتكفي رؤية العدل الواحد في حق نفسه، ويجب عليه أن يُفطِر بالنية؛ فلا ينوي الصوم، ولكنه لا يجوز له أن يأكل أو يشرب أو نحو ذلك من المفطِرات، ولو أَمِن اطِّلاعَ الناس عليه.

نعم، إن طَرَأ له ما يُبيح السفرَ أو طَرَأ عليه مرضٌ فإنه يجوز له أن يأكلَ ويشربَ وغير ذلك. وإذا أفطَر بغير عذرٍ مبيحٍ، بالأكل ونحوه، وُعِظ وشُدِّد عليه إن كان ظاهرَ الصلاح، فإن لم يكن ظاهرَ الصلاح عاقبه القاضي بما يراه تعزيرًا.

وفي الفقه الشافعي تكفي شهادةُ العدل الواحد في ثبوت هلال شوال، فهو كرمضان على الراجح، ويَلزَم أن يقول الشاهد: أشهد.

فلفظ الشهادة متَّفَق عليه بين ثلاثة من الأئمة ما عدا المالكيةَ.

وفي الفقه الحنبلي لا يُقبَل في ثبوت شوال إلا رجلان عدلان يَشهدان بلفظ الشهادة.

ومتى ثبت رؤية هلال شوال تكون صلاة عيد الفطر في صَبيحة اليوم التالي للثبوت في ميقاتها الشرعي.