السنة أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب بيض ، كما كفن النبي ﷺ في ذلك ، وإن كفن في ثوب واحد واسع يعمه ويستره كفى ، وإن كفن في قميص وإزار ولفافة جاز.
أما المرأة فالأفضل تكفينها في خمسة أثواب: إزار ، وخمار ، وقميص ، ولفافتين ، فهذا هو الأفضل كما ذكره أهل العلم ، وجاء في ذلك أحاديث تدل عليه، وإن كفنت في أقل من ذلك فلا بأس.
يقول الشيخ السيد سابق رحمه الله تعالى في تكفين الميت الآتي:
أولا – حكم الكفن :
تكفين الميت بما يستره – ولو كان ثوباً واحداً – فرض كفاية . روى البخاري عن خباب رضي الله عنه قال : هاجرنا مع رسول الله ﷺ ، نلتمس وجه الله ، فوقع أجرنا على الله ، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئاً ، منهم مصعب بن عمير ، قُتل يوم أُحد ، فلم نجد ما نكفنه إلا بردة ، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه ، فأمرنا النبي ﷺ أن نغطي رأسه ، وأن نجعل على رجليه من الإذخر ، والإذخر: نبات طيب الرائحة.
أما ما يستحب في الكفن فقد قال فضيلة الشيخ :
ثانيا – ما يستحب في الكفن:
1- أن يكون حسنا ً، نظيفاً ، ساتراً للبدن ، لما رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه عن أبي قتادة أن النبي ﷺ قال : [ إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه ] .
2- وأن يكون أبيض ، لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي -وصححه- عن ابن عباس رضي الله عنه : أن النبي ﷺ قال : [ البسوا من ثيابكم البيض ؛ فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم ] .
3- وأن يُجمَّر ، ويبخر، ويطّيب ، لما رواه أحمد والحاكم وصححه عن جابر ، أن النبي ﷺ قال : [ إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثاً ] .
وأوصى أبو سعيد وابن عمر وابن عباس رضي الله عنه : أن تُجمر أكفانهم بالعود .
4- أن يكون ثلاث لفائف للرجل ، وخمس لفائف للمرأة ، لما رواه الجماعة عن عائشة، قالت : كفن رسول الله ﷺ في ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد ، ليس فيها قميص ولا عمامة .
قال الترمذي : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم ، قال : وقال سفيان الثوري : يكفن الرجل في ثلاثة أثواب إن شئت في قميص ولفافتين ، وإن شئت في ثلاث لفائف.
ويجزئ ثوب واحد إن لم يجدوا ثوبين ، والثوبان يجزيان ، والثلاثة لمن وجد أحب إليهم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق .
قالوا : وتكفن المرأة في خمسة أثواب . فعن أم عطية أن النبي ﷺ ناولها إزارا ً، ودرعا ً، وخماراً وثوبين.
وقال ابن المنذر : أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب.
ثالثا – تكفين المحرِم :
إذا مات المحرم غسل كما يغسل غيره ممن ليس محرماً ، وكفن في ثياب إحرامه ، ولا يغطى رأسه ، ولا يطيّب لبقاء حكم الإحرام ، لما رواه الجماعة عن ابن عباس قال : بينما رجل واقف مع رسول الله ﷺ بعرفه إذ وقع عن راحلته فوقصته – أي رفسته فمات من شدة الرفسة – فذكر ذلك للنبي ﷺ ، فقال : [ اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبياً .
وذهبت الحنفية والمالكية إلى أن المحرم إذا مات انقطع إحرامه ، وبانقطاع إحرامه يكفن كالحلال ، فيخاط كفنه ويغطى رأسه ويطّيب ، وقالوا : إن قصة هذا الرجل واقعة عين لا عموم لها فتختص به ، ولكن التعليل بأنه يبعث يوم القيامة ملبياً ظاهر أن هذا عام في كل محرم ، والأصل أن ما ثبت لأحد الأفراد من الأحكام يثبت لغيره ، ما لم يقم دليل على التخصيص .
رابعا – المغالاة في تكفين الميت:
ينبغي أن يكون الكفن حسناً دون مغالاة في ثمنه ، أو أن يتكلف الإنسان في ذلك ما ليس من عادته .
قال الشافعي : إن علياً كرم الله وجهه قال : لا تُغال لي في كفن ، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول : [ لا تغالوا في الكفن فإنه يُسلب سلباً سريعاً ] . رواه أبو داود وفي إسناده أبو مالك ، وفيه مقال .
وعن حذيفة قال : لا تغالوا في الكفن ، اشتروا لي ثوبين نقيين.
وقال أبو بكر رضي الله عنه : اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيها.
قالت عائشة : إن هذا خَلَق – أي قديمٌ بالٍ – ، قال : إن الحي أولى بالجديد من الميت ، إنما هو للمهلة.
وبعض الناس قد يتهاونون فيكفنون موتاهم الذكور في كفن من حرير، وعن التكفين في الحرير يقول فضيلة الشيخ :
لا يحل للرجل أن يكفن في الحرير، ويحل للمرأة ، لقول رسول الله ﷺ في الحرير والذهب : [ إنهما حرام على ذكور أمتي حل لإناثها ] .
وكره كثير من أهل العلم للمرأة أن تكفن في الحرير لما فيه من السرف ، وإضاعة المال ، والمغالاة المنهي عنها ، وفرّقوا بين كونه زينة لها في حياتها ، وكونه كفناً لها بعد موتها .
قال أحمد : لا يعجبني أن تكفن المرأة في شيء من الحرير .وكره ذلك الحسن وابن المبارك وإسحاق. قال ابن المنذر : ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم.
خامسا – المال الذي يكون منه الكفن:
إذا مات الميت وترك مالاً ، فتكفينه من ماله ، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته ، فإن لم يكن له من ينفق عليه ، فكفنه من بيت مال المسلمين ، وإلا فعلى المسلمين أنفسهم.
والمرأة مثل الرجل في ذلك.