يقول الدكتور محمد سيد أحمد المسير-رحمه الله تعالى-:
فُرِض الحجُّ على المسلمين في العام السادس من الهجرة، وكان المسلمون يحجون مع المشركين، إلى أن نزل قوله ـ تعالى ـ في العام التاسع من الهجرة (يَا أيُّها الذينَ آمنُوا إنَّمَا المشركونَ نَجَسٌ فلا يقربُوا المسجدَ الحرامَ بعدَ عامِهِمْ هذَا وإنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فسوفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ منْ فضلِهِ إنْ شاءَ إنَّ اللهَ عليمٌ حكيمٌ) (التوبة: 28).
وفي يوم مشهودٍ من أيامِ الله خرج رسول الله ـ ﷺ ـ في العام العاشر من الهجرة ومعه مائةُ ألفٍ أو يَزيدون؛ يُؤَدُّون مناسكَ الحجِّ بعد أن أصبحت مكةُ في حِمَى المسلمين، وبعد أن طُهِّرَتِ الكعبة من الأصنام وبعد أن مُحِيَت آثار الجاهلية كلها. وقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه “خُذُوا عنِّي مَناسِكَكُمْ” وخَطَبَهُم خطبةً جامعةً حدَّدت ملامحَ المجتمع الإسلامي، وتُوصَفُ هذه الحجة وهذه الخُطبة بأوصافٍ؛ البلاغ والإسلام والوداع.
وسميت حِجَّة البلاغ؛ لأن رسول الله كان يقولُ عَقِبَ كلِ أمرٍ أو نَهْيٍ في خطبته أَلا هلْ بَلَّغْت؟ فيقول الجمع الحاشد: نعم، فيقول عليه الصلاة والسلام: اللهم فاشهد.
وسميت حِجّة الإسلام؛ لأنها الحجة الوحيدة التي أدَّاها الرسولُ الكريمُ في الإسلام بعد فرضيته ونزل فيها قوله تعالى: (اليومَ أكملتُ لكمْ دينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عليكُمْ نِعمتِي ورَضِيتُ لكُمْ الإسلامَ دينًا) (المائدة: 3).
وسميت حجة الوداع؛ لأن الرسول ـ ﷺ ـ ودَّع أُمَّته قائلا: “أيها الناس اسْمعُوا قولي فإني لا أدري لعلي لا أَلْقاكُم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا” فقد انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى بعد عودته إلى المدينة بقليل. وفي صحيح البخاري سُئِل أنسُ ـ رضي الله عنه ـ كم حَجَّ النبي ـ ﷺ ـ قال: واحدة.انتهى كلام الدكتور المسير.
سميت هذه الحجة العظيمةأسماء عديدة فظن البعض أن النبي ﷺ حج أكثر من مرة ، لكنها أسماء عديدة لحجة واحدة.
ومن المعلوم أن الحج فرض في العام السادس من الهجرة وحج الرسول ﷺ في العام العاشر من الهجرة الأمر الذي جعل بعض العلماء يرون أن الحج على التراخي ويرى آخرون أن الحج على الفور وهو اختلاف له دلالته.
فقد حج الرسول ﷺ مرة واحدة في العام العاشر من الهجرة ومعه مائةُ ألفٍ أو يَزيدون.