من كان قد نوى الصيام ثم حدث جماع بينه وبين زوجته فقد بطل الصوم ووجب عليه القضاء والكفارة.

انواع الكفارة :

والكفارة تدور بين ثلاثة أشياء :
-عتق رقبة مؤمنة.
-أو صيام شهرين متتابعين.
-أو إطعام ستين مسكينا، لكل مسكين وجيتان مشبعتان.
وهذه الكفارة واجبة على الترتيب، بمعنى أنه يجب العتق أولا، فإن عجز فالصيام ،فإن عجز فالإطعام ، ولا ينتقل إلى المستوى الثاني إلا بعد العجز التام عن المستوى الأول….. هذا مذهب الجمهور. وهو أحوط.

وذهب الشيخ القرضاوي إلى أن الكفارة على التخيير، أي يمكن أن يطعم حتى لو كان قادرا على الصيام، وقد يكون هذا أنسب له خاصة إن الصيام يشق عليه – كما تقول -.

الكفارة الواجبة في الجماع للصائم :

جاء في كتاب فقه الصيام للشيخ القرضاوي :-ودليلهم: أن أكثر الروايات عن أبي هريرة تفيد أن الرسول طلب منه أن يعتق رقبة فلما أظهر عجزه، طلب منه أن يصوم شهرين، فلما ذكر عذره، قال له: “أطعم ستين مسكينًا”، فدل ذلك أنها على الترتيب (ذكر الإمام ابن دقيق العيد في (الأحكام): أن القاضي عياضًا نازع في ظهور دلالة الترتيب في السؤال على ذلك. وقال: إن مثل هذا السؤال قد يستعمل فيما هو على التخيير، هذا أو معناه وجعله يدل على الأولوية مع التخيير. ومما يقوي هذا الذي ذكره القاضي: ما جاء في حديث كعب بن عُجرة من قول النبي : “أتجد شاة؟” فقال: لا. قال: “فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين” ولا ترتيب بين الشاة والصوم والإطعام، والتخيير في الفدية ثابت بنص القرآن. انظر: الأحكام -15/2، بتحقيق أحمد شاكر).

والكفارة الواجبة في الجماع على الترتيب عند جمهور الفقهاء، أي يجب العتق، فإن عجز فالصيام فإن عجز فالإطعام.
وذهب مالك :.
وهو رواية عن أحمد – أنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام، فبأيها كفّر أجزأه.
ودليل ذلك: ما رواه مالك في موطئه، ورواه عنه الشيخان، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رجلاً أفطر يومًا من رمضان، فأمره النبي أن يُكفِّر بعتق رقبة، أو يصوم شهرين أو يطعم ستين مسكينًا (وفيهما من حديث ابن جريج عن الزهري نحوه، وتابعهما أكثر من عشرة). وفطره كان بجماع، و (أو) تدل على التخيير، كما في كفارة اليمين.
ولأنها كفارة تجب بالمخالفة، فكانت على التخيير، مثل كفارة اليمين.
وربما يُقوِّي هذا الرأي أن النبي لم يشدد على الرجل كثيرًا في إلزامه بالصوم برغم ما يظهر من شبابه وقوته اللذين دفعاه إلى المواقعة في رمضان، ويخشى أن يدفعاه إلى مثل ذلك في القضاء.
كما يؤيد هذا – من الناحية العملية – في عصرنا أمران:.
الأول: ضعف عزائم أكثر الناس عن صيام الشهرين المتتابعين ومشقتهما عليهم.
الثاني: انتشار الفقر في العالم الإسلامي، وحاجة كثير من المسلمين إلى الإطعام، أو قيمته عند من يجيزها.انتهى.

هل تتعدد الكفارة بتعدد الذنب :

وأما هل تتعدد الكفارة بتعدد الذنب أم تكفي كفارة واحدة عن كل ما فعلت؟ فيقول العلامة ابن رشد :-

إنهم أجمعوا على أن من وطئ في يوم رمضان ثم كفر ثم وطئ في يوم آخر أن عليه كفارة أخرى، وأجمعوا على أنه من وطئ مرارا في يوم واحد أنه ليس عليه إلا كفارة واحدة. واختلفوا فيمن وطئ في يوم من رمضان ولم يكفر حتى وطئ في يوم ثان، فقال مالك والشافعي وجماعة: عليه لكل يوم كفارة، وقال أبو حنيفة وأصحابه: عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الجماع الأول. والسبب في اختلافهم تشبيه الكفارات بالحدود، فمن شبهها بالحدود قال: كفارة واحدة تجزئ في ذلك عن أفعال كثيرة كما يلزم الزاني جلد واحد، وإن زنى ألف مرة إذا لم يحد لواحدة منها. ومن لم يشبهها بالحدود جعل لكل واحد من الأيام حكما منفردا بنفسه في هتك الصوم فيه أوجب في كل يوم كفارة. قالوا: والفرق بينهما أن الكفارة فيها نوع من القربة. والحدود زجر محض.انتهى.

واعلم أن ما ذهب إليه أبو حنيفة من الاكتفاء بكفارة واحدة هو إذا كان الذنب قد تعدد في شهر واحد من رمضان ، أما إذا تعدد الذنب في أكثر من رمضان فالصحيح عنه- كما ذكر النووي- أن الكفارة تتعدد عنده.

وعلى هذا… فإذا أمكن الأخذ برأي أبي حنيفة من أن تسعه كفارة واحدة ، فمعناه أن يكفر كفارة عن كل سنة كان منه هذا الذنب حتى لو تعدد في السنة الواحدة، أي تكفي كفارة واحدة عن شهر رمضان كله، ولكن عليه عن كل شهر كفارة ، وعند غير أبي حنيفة … عن كل يوم كفارة…. ولأن يكفر عن كل مرة فلهو أبرأ لذنبه، وأرجى للمغفرة….. وأما عن عدد المرات فبما يغلب على ظنه.

وإذا اختار الإطعام، فلكل مسكين وجبتان مشبعتان من غالب الطعام الذي يأكله، أو قيمة وجبتين، والإطعام أفضل خروجا من الخلاف، ولاتباع لفظ القرآن، ونقل القيمة إلى خارج البلد لفقراء خارجين جائز خاصة إذا كانوا أحوج من البلد الذي يعيش فيه.

حكم نقل أموال الكفارات من بلد إلى آخر :

قال النووي في حكم نقل أموال الكفارة:-قال أصحابنا : في نقل الكفارات والنذور عن البلد الذي وجبت فيه ونقل وصية أوصى للفقراء وغيرهم , ولم يذكر بلدا قولان ( أحدهما ) وبه قطع جماعة من العراقيين لها حكم الزكاة فيجري فيها الخلاف كالزكاة وأصحهما عند الخراسانيين وتابعهم الرافعي عليه القطع بالجواز ; لأن الأطماع لا تمتد إليها امتدادها إلى الزكوات . وهذا هو الصحيح .