الأصل في عورة المرأة المسلمة تجاه محارمها أنها تمتدّ فقط من السرة إلى الركبة؛ ومعنى ذلك أن ظهور الثدي عند الإرضاع جائز، خاصة أن المرأة في منزلها وعند قيامها بواجب الإرضاع تكون مضطرة إلى كشف ثديها، لكن يكره ذلك في غير حالة الإرضاع.
هل يجوز للمرأة كشف ثديها للإرضاع أمام محارمها:
-جاء في تفسير ابن كثير قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) أي : لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب ، إلا ما لا يمكن إخفاؤه .
وقال ابن مسعود : كالرداء والثياب . يعني : على ما كان يتعاناه نساء العرب ، من المقنعة التي تجلل ثيابها ، وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه; لأن هذا لا يمكن إخفاؤه . [ ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها ، وما لا يمكن إخفاؤه.
وقال الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) قال : وجهها وكفيها والخاتم .
وقال مالك ، عن الزهري : ( إلا ما ظهر منها ) الخاتم والخلخال .
ويحتمل أن ابن عباس ومن تابعه أرادوا تفسير ما ظهر منها بالوجه والكفين ، وهذا هو المشهور عند الجمهور.
وعن عائشة ، رضي الله عنها; أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي ﷺ وعليها ثياب رقاق ، فأعرض عنها وقال : ” يا أسماء ، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا ” وأشار إلى وجهه وكفيه .
-قال البغوي -رحمه الله تعالى- قوله سبحانه وتعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) أي لا يظهرن زينتهن لغير محرم ، وأراد بها الزينة الخفية ، وهما زينتان خفية وظاهرة ، فالخفية : مثل الخلخال ، والخضاب في الرِّجْل ، والسوار في المعصم ، والقرط والقلائد ، فلا يجوز لها إظهارها ، ولا للأجنبي النظر إليها ، والمراد من الزينة موضع الزينة “.
وهؤلاء المحارم متفاوتون في القرب وأمن الفتنة ، ولهذا تبدي المرأة لأبيها ما لا تبديه لولد زوجها.
-قال القرطبي رحمه الله : ” لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر ، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها . وتختلف مراتب ما يُبدى لهم ، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج “.
وبناء على ذلك فإنه يلزم المرأة أن تستر ثدييها إذا أرادت أن ترضع ولدها بوجود أحد محارمها ، وإن كان لا بد من ذلك فليكن من تحت غطاء ونحوه ، وهذا من حيائها وحرصها على الستر .
كشف المرأة شعرها وصدرها أمام محارمها:
يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- لا حرج في أن يرى شعر الرأس الأخ أو العم أو الأب أو الابن، لكن التستر والحشمة يكون أفضل، كونها تغطي رأسها عند محارمها يكون هذا أحوط وأفضل، ولاسيما في هذا العصر، عصر ضعف الإيمان وقلة الوازع.
فالمقصود: أن وجودها بينهم مستورة الشعر والبدن ما عدا الوجه والكفين يكون هذا أبعد عن الفتنة وأسلم، ولكن لو رأوا رأسها أو صدرها أو ساقها لا حرج في ذلك؛ لأنهم محارم، كالنساء إذا رأت المرأة من أختها في الله صدرها، أو رأسها، أو ساقها لا بأس، لكن كونها تتحشم عند محارمها ولاسيما الأخوال والأعمام والإخوة، فإنه أشد خطر، فالتحشم عندهم كون الملابس كاملة إلا الوجه والكفين؛ يكون هذا أحوط وأكمل وأبعد عن الخطر.انتهى
فعورة المرأة أمام محارمها كالأب والأخ وابن الأخ هي بدنها كله إلا ما يظهر غالبا كالوجه والشعر والرقبة والذراعين والقدمين ، قال الله تعالى : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) سورة النور .
فأباح الله للمرأة أن تبدي زينتها أمام زوجها ومحارمها ، والمقصود بالزينة مواضعها.