يجوز كتابة المحامي لعقد الزواج إذا كان مشتملاً على أركان الزواج من إيجاب وقبول وولي ومهر وشاهدين، ولكن يجب إشهاره وإعلانه على الناس.

ولكن ننصح الزوجين بتوثيق عقد النكاح تجنباً للمشاكل التي ستحدث في المستقبل نتيجة عدم التوثيق، وخاصة المرأة حيث لا تستطيع أن تنال حقها رسميًّا لعدم توثيق عقد النكاح.

يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه بكلية الشريعة :ـ

من المعروف أن النكاح العرفي في مقابلة النكاح الرسمي الذي يحرر على يد مأذون ويوثق في المحكمة، وأيًّا من كان من يحرر على يده عقد النكاح فلابد من الإعلان عن النكاح بأي وسيلة يتحقق بها ذلك، وعلى هذا اتفق الفقهاء، للحديث: “فرق بين النكاح والسفاح (أي الزنا)، الضرب بالدف”، وإن اعتبر الحنفية أن وجود شاهدين على العقد بمثابة الإعلان عنه حتى وإن اتفقا على كتمان أمره عن الناس .أهـ

يقول الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون :

عقد الزواج كغيره من العقود له أركان وشروط صحة لا بدَّ أن تتوافر فيه حتى يكون صحيحاً، ومن أركان عقد الزواج الصيغة بمعنى أن يقول ولي أمر المرأة مثلا: زوجتك ابنتي أو أختي، ويقول الرجل الراغب في الزواج: قبلت زواجها .فلا بد من هذه الصيغة للدلالة على إرادة المتعاقدين .

وأيضاً من أركان العقد ولي أمر المرأة بمعنى أن ولي أمر المرأة هو الذي يجب أن يتولى عقد الزواج بنفسه أو بوكالة، فيقول: زوجتك ابنتي أو موكلتي، ويقول الآخر: قبلت، وذلك بناء على أحاديث متعددة وردت في هذا المجال تبين أنه لا بد لعقد الزواج من وجود ولي أمر المرأة مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “لا نكاح إلا بولي” وقوله صلى الله عليه وسلم: “أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل” قال ذلك ثلاث مرات .

وأيضاً من شروط الصحة أن يشهد العقد شاهدان على الأقل إلى آخر ما هو مطلوب في عقد الزواج من شروط كخلو المرأة من الموانع الشرعية التي تمنع العقد عليها ككونها بنتاً أو محرماً على العموم لمن يريد الزواج بها أو أختاً له من الرضاعة أو أماً أو عمة أو خالة، وأيضاً ألا تكون معتدة من طلاق أو وفاة إلى غير ذلك من شروط معروفة في فقه الإسلام .

فإذا توفرت في عقد الزواج الأركان وشروط الصحة كان عقداً صحيحاً، لا يحتاج من الناحية الشرعية إلى التوثيق عند الجهات التي خصصتها الدولة لتوثيق عقود الزواج، وهي المأذون.

لا يشترط شرعاً توثيق عقد الزواج ما دام قد توفرت فيه الأركان وشروط الصحة، وهذا أمر يجب أن يكون بدهياً لشيء بسيط، وهو أن الإسلام ليس خاصاً بقوم دون قوم أو مستوى ثقافي دون مستوى ثقافي، ولكنه للجميع، فإذا كانت هناك بعض البيئات لا تعرف نظام التوثيق أو تنتشر فيها الأمية هل يتصور أن لا يتم في هذه البيئة عقود زواج؟

وعقود الزواج في عهد رسول الله والصحابة لم توثق، وأيضاً في عصر التابعين ومن بعدهم، وحتى وقت قريب بعد ترتيب المحاكم، وهي التي اشترط فيها لكي تسمع دعوى الزوجية عند الإنكار أن يكون عقد الزواج موثقاً عند إحدى الجهات التي خصصتها الدولة لتوثيق عقود الزواج .

لكن العقد يصح دون توثيق كتابي، وغاية ما في الأمر أن القانون في غالب البلاد الإسلامية والعربية يشترط التوثيق حتى تسمع دعوى الزوجية، وحتى يترتب على العقد حقوق لكلا الطرفين، وهذا التوثيق دعا إليه شيوع الكذب وشهادة الزور في العصر الحديث، فكان من الشائع أن يدعي رجل على امرأة أنه تزوجها، ويستعين بشاهدي زور، أو تدعي هي الأخرى أنه تزوجها، وتستعين بشهود زور كذلك، فدرءاً لهذا الخطر الذي يفتح الباب أمام دعاوى الزواج، وقد تكون الدعوى من رجل ليس أهلاً للمرأة التي يدعي حصول عقد الزواج بها اشترط القانون لكي تسمع الدعوى عند الإنكار أن يكون عقد الزواج موثقاً .

وعلى هذا فالزواج العرفي الذي يحدث بين الشباب في بعض الجامعات من أنهم يزوجون أنفسهم دون ولي للفتاة، ويتبادلون الشهادة مع بعضهم، فهذا نوع من الزواج الفاسد أو الباطل .

ويجب أن يعامل بشدة لمنع هذا العبث بالأعراض ،وهو إذا أفهم الشباب الحكم الشرعي له، وأنه باطل يكون من قبيل الزنا؛ لأنهم أعلموا ببطلانه، ومع ذلك أقدموا عليه، وأما إذا لم يعلموا ببطلانه فيجب أن نعلمهم بأن هذا العقد لا يجيزه الشرع، ويجب أن يُفرَّق بين الذين واللاتي تزوجوا وتزوجن بهذه الطريقة التي هي عبث للأعراض .