شرع الإسلام التدواي، وحث المسلمين عليه، ونهاهم عن الجري وراء الأوهام، والخرافات في سبل التداوي، وكان النبي ﷺ يرشد المرضى من صحابته إلى الأطباء، وقد قام المختصون بفحص قطعة اللحم المزعومة هذه فنصحوا بعدم استعمالها.
هل أوصانا الرسول بالتداوي والأخذ بالأسباب:
يقول الدكتور حسام الدين عفانه أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس:-إن الإسلام شرع التداوي ، والتداوي من باب الأخذ بالأسباب.
-فقد روي في الحديث قول الرسول ﷺ : ( إن الله أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء ، فتداووا ولا تتداووا بالحرام ) رواه أبو داود .
-وجاء في حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى ؟ قال : ( نعم عباد الله ، تداووا ، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً إلا داءً واحداً ، قالوا يا رسول الله ، وما هو ؟ قال: الهرم ) رواه الترمذي وابن ماجة ، وقال الشيخ الألباني: حديث صحيح .
وقد قرر العلماء أن الذي يتولى المداواة لا بد أن يكون من أهل الطب والخبرة.
-وقد ورد في الحديث ، أنه عليه الصلاة والسلام قال: ( من طبب ولم يُعلم منه طب فهو ضامن ) رواه أبو داود وابن ماجة ، وقال الشيخ الألباني: حديث حسن .
هل يجوز التداوي عند السحرة:
جاء في رواية عن النبي ﷺ: ( أيما طبيب تطبب على قوم لا يُعرف له تطبب قبل ذلك فأعنت فهو ضامن ) رواه أبو داود ، وقال الشيخ الألباني: حديث حسن .
هذا الحديث أصل من أصول الطب الإسلامي وتصريح بأن العلاج يكون بالدواء لا بالتعزيمات السحرية أو الدجل الذي يدعيه بعض الجهلة لأكل أموال الناس بالباطل .
وقد جرد الإسلام علم الطب من الخرافات ،والتعاويذ السحرية في دفع الأمراض ،ووضع الأسس الأولية التي تصلح لدفع جميع الأمراض البدنية .
فالمشروع في حق المسلم إذا مرض، وأراد التداوي أن يسأل الأطباء ، فهم أدرى الناس بالداء والدواء ، ولا يجوز له الذهاب إلى الدجالين والمشعوذين والسحرة والكهان وأضرابهم .
حكم التداوي بقطعة اللحم المزعومة:
وقد أردت أن أمهد بهذا الكلام قبل الحديث عن قطعة اللحم المزعومة حتى نكون على بينة من أمر التداوي الصحيح . فإذا ثبت هذا أقول بالنسبة لقطعة اللحم المزعومة ، إن بعض الصحف نشرت صورة لها وأجرت مقابلات مع بعض الناس الذين ادّعوا أنهم استعملوها ، وزعم بعضهم أنه شرب من الشاي الذي تحول إلى خل بعد وضع قطعة اللحم المشار إليها فيه ، وأنه كان يعاني من التهاب شديد في المفاصل ، فاستخدم ذلك السائل لمرة واحدة ، فمسح على مفاصله فتلاشى المرض ، وزعم آخر أنه كان يعاني من آلام في الظهر ، فمسح ظهره بذلك السائل فشفي ، وغير ذلك من الادعاءات .
تحليل قطعة اللحم المزعومة في المختبر:
يقول الدكتور حسام الدين عفانه أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس:وحتى نكون على بينة من أمر قطعة اللحم المزعومة ، فقد طلبت من رئيس قسم التصنيع الغذائي ، في كلية العلوم والتكنلوجيا – جامعة القدس ، إجراء الفحوص المخبرية على قطعة اللحم المزعومة ، فقام مشكوراً بإجراء الفحوصات عليها بالتعاون بين مختبري التصنيع الغذائي والعلوم البحرية في الكلية وكانت النتيجة في الخطاب التالي :
-رداً على تساؤلات بعض الأخوة حول كتلة اللحم المزعومة ومضار استعمالها أو منافعها ، فإنه وبناءً على نتائج الفحوصات المخبرية التي أجريناها على هذه المادة نؤكد ما يلي : –
1- إن هذه الكتلة ليست قطعة من اللحم ولا حيواناً بحرياً كما يعتقد البعض ، حيث إن فحصها مجهرياً دل على أنها لا تتكون من أنسجة أو خلايا سواء كانت حيوانية أو نباتية .
2- إن هذه المادة ما هي إلا إفرازات لكائنات حية دقيقة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، ولكن يمكن رؤيتها فقط عند فحص هذه الكتلة مجهرياً .
3- إن اللون اللحمي الذي تأخذه هذه الإفرازات هو ناتج عن مادة الشاي ، فعند نقل جزء من هذه الكتلة إلى محلول السكر في الماء ، ينتج عنها كتلة من الإفرازات الشفافة.
4- إن رائحة الخل التي تنبعث عن هذه الكتلة هي دليل على عملية تخمر مادة السكر المضافة إلى محلول الشاي ، والتي تقوم بها بعض الكائنات الدقيقة الموجودة داخل هذه الإفرازات، كما أن درجة الحامضية العالية للسائل تدل على تكوين أحماض منها حامض الخل ، نتيجة عملية التخمر .
5- من المعروف أن أنواعاً مختلفة من الكائنات الحية الدقيقة تسبب الأمراض المعدية للإنسان كما أن هناك أنواعاً أخرى تفيد الإنسان . غير أننا في هذه الحالة وبما أننا لا زلنا نجهل كنه هذه المادة ، لا يمكننا الإشارة إلى أي فائدة من استعمالها أو اقتنائها ، بل نخشى من أن تسبب هذه الكائنات الدقيقة أو السائل الحامضي مضاراً للذين يستعملونها أ.هـ .
نصيحة لكل من غرر به للأستشفاء بقطعة اللحم:
وأخيراً وبناءً على هذا التحليل العلمي ، أنصح الأخوة القراء ألا يستعملوا قطعة اللحم المزعومة وألا يصدقوا الشائعات التي تقال حولها ، وألا يدفعوا أموالهم لشرائها ، وأن يتعالجوا حسب الطرق المعروفة للعلاج من خلال الأطباء وليس من خلال الدجالين والمشعوذين وآكلي أموال الناس بالباطل .