الجمع بين عبادتين بالنية ، أي أداء عبادة واحدة بنية عبادتين، كصيام رمضان وصيام التطوع في نية واحدة غير جائز عند جمهور العلماء، وجائز عند بعض العلماء ، ولكن لا يحصل الثواب الأمثل والكامل عن أدائهما منفردين ، ودليل الجواز هو حديث : ” إنما الأعمال بالنيات”.

يقول الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا- رحمه الله تعالى- :
يمكن لمن عليه القضاء من رمضان أن يصوم الأيام الستة من شوال بنيه القضاء ، فتكفي عن القضاء ويحصل له ثواب الستة البيض في الوقت نفسه إذا قصد ذلك ، فالأعمال بالنيات وإذا جعل القضاء وحده والستة وحدها كان أفضل ، بل إن علماء الشافعية قالوا : إن ثواب الستة يحصل بصومها قضاء حتى لو لم ينوها وإن كان الثواب أقل مما لو نواها ، جاء في (الشرقاوي على التحرير للشيخ زكريا الأنصاري) (ج1 ص427) ما نصه : ولو صام فيه أي في شوال قضاء عن رمضان أو غيره أو نذرًا أو نفلا آخر حصل له ثواب تطوعها، إذ المدار على وجود الصوم في ستة أيام من شوال وإن لم يعلم بها أو صامها عن أحد (أي النذر أو النفل ) لكن لا يحصل له الثواب الكامل المترتب على المطلوب إلا بنية صومها عن خصوص الست من شوال ، ولا سيما من فاته رمضان أو صام عنه شوال ، لأنه لم يصدق عليه أنه صام رمضان وأتبعه ستا من شوال ، ويشبه هذا ما قيل في تحية المسجد وهي صلاة ركعتين لمن دخله ، قالوا : إنها تحصل بصلاة الفريضة أو بصلاة أي نفل وإن لم تنو مع ذلك ، لأن المقصود وجود صلاة قبل الجلوس وقد وجدت بما ذكر ، ويسقط ذلك طلب التحية ويحصل ثوابها الخاص وإن لم ينوها على المعتمد كما قال صاحب (البهجة) .

ويقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا– رحمه الله- :
أما الفقه في كونه يثاب على الفرض ثواب السنة والفرض جميعًا فهو من حيث النية فقط كأن العبد يخاطب ربه : يا رب إنني أصرف وقتي هذا كله في الإنابة إليك ، وقضاء ما فاتني مما افترضت عليَّ وإن نفسي متوجهة إلى الزيادة والنفل ؛ ولكنني بدأت بالأهم فأثبني على نيتي هذه بمضاعفة الأجر .

وإذا كان الأصل في الثواب هو تأثير العمل الصالح في إصلاح النفس وترقية الروح – فلا شك أن الزيادة بالفعل ، وهي صلاة السنة يكون لها أثر زائد على أثر الفرض فلا يكون ثواب من يصلي السنة كثواب من يتركها وينويها مع الفرض .

وقد توسط علماء الشافعية فقالوا : إن السنن التي تتداخل ويُستغنَى ببعضها عن الآخر هي التي لا تُقصد لذاتها كسنة الوضوء ، وتحية المسجد ، فإذا توضأ الإنسان ودخل المسجد ووجد الإمام منتصبًا ونوى الفريضة مع سنة الوضوء وتحية المسجد كان له ثواب الجميع ؛ لأنه أدى الغرض من السُّنتين ، فإن المراد أن يصلي الإنسان بعد كل وضوء وعند دخول كل مسجد وقد فعل .

وأما الرواتب ونحوها فلا بد عندهم من فعلها لتحصيل ثوابها ؛ لأنها مقصودة بذاتها ، والحكمة فيها تكميل ما يكون من التقصير في الفريضة ، فإذا غفل القلب في الفريضة عن الله تعالى دقيقة أو دقيقتين ، وحضر مثل هذه المدة في السنة كان ذلك جبرًا للنقص وتكميلاً للفرض .