من مات وعليه دين وجب المسارعة بقضاء دينه من تركته إن كان له مال، وإلا فعلى المسلمين من قرابته، ثم جيرانه، ثم عامة المسلمين، ولن يرفع العذاب عن الميت إلا بقضاء ما عليه من الدين، أو إبراء صاحب الدين.
يقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
أخرج الإمام أحمد وغيره عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه، ثم أتينا به النبي ﷺ فقلنا: تصلي عليه فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران. فانصرف فتحملها أبو قتادة؛ فأتيناه فقال أبو قتادة : الديناران عليَّ.
فقال النبي ﷺ قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منه الميت.
قال: نعم فصلى عليه ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ قال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد قال: قد قضيتهما فقال النبي ﷺ: الآن بردت عليه جلده”، فيتضح من هذا الحديث وما ماثله خطورة الدين، وخوفه ﷺ من عاقبته على المدينين من أمته، وأن العذاب لن يرفع عن الميت المدين إلا بقضاء ما عليه من دين.
وعلى ذلك فعلى كل من عليه دين أن يبادر بسداد ما عليه من الدين أو يقدم كفيلاً به ، أو يدفع رهناً به خشية أن يوافيه الأجل قبل سداد ما عليه.
وقد قال فريق من الفقهاء: إن هذه النصوص الشريفة الدالة على خطورة الدين على المتوفى إنما كانت في صدر الإسلام وقبل أن يفتح الله على المسلمين في الغزوات ويكون لهم بيت مال، وقبل أن يجعل الله تعالى في الزكاة سهماً في الغارمين، أما بعد ذلك فقد قال ﷺ: “من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً فعليّ”.
فإذا تداين في مباح، وهو يرى أنه يستطيع السداد فغلبه الدين أو فاجأه الموت ولم يترك وفاء من رهن أو كفيل، فإنه يسدد من التركة قبل توزيعها، وإن لم تكن هناك تركة فعلى المسلمين من قرابته ثم على جيرانه ثم على بقية المسلمين.
فإن المدين الميت إذا وجد من يحمل عنه الدين وتعهد بذلك أو سدد من تركته فإن ذمته تبرأ إن شاء الله تعالى. والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.