من المعلوم أن قصْر الصلاة رُخْصة للمسافر كما قال تعالى: (وإذا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةَ إنْ خِفْتُمْ أنْ يَفْتِنَكُمُ الذِينَ كَفَرُوا) (النساء : 101) وإن الإفطار رُخْصة للمسافر كما قال سبحانه: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ) (سورة البقرة : 185) كما روى أبو داود أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “إن الله وَضَعَ عن المسافر الصوم وشطْر الصلاة. وذلك كله مع الشروط التي اشتَرَطَها الفقهاء لاستعمال هذه الرخصة.
والسفر قد يكون مؤقتًا وقد يكون دائمًا، والسفر الدائم يُطلق على معنيين، أولهما أن يكون معه أهله وكل ما يحتاجه، وثانيهما ألا يكون معه أهله ولكنه كثير الأسفار أو مهنته هي السفر كسائقي القِطارات والطيّارين والبحّارين.
والسفر المؤقت يُرخِّص في القصْر والفِطْر.
أما مُدِيم السَّفر الذي معه أهله وكل حاجاته فهو كالمُقِيم لا يجوز له قصر الصلاة ولا الفطر في رمضان، اللهم إلا إذا كان الصيام يَضرُّه فله الفطروقد يجب إذا كان الضرر بالغًا يُؤدي إلى هلاك النفس.
جاء في “المغني لابن قدامة” ج 2 ص 14″ في فقه الحنابلة أن الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ـ يُسأل عن الملاّح أيُقصِر ويُفطِر في السفينة؟ فقال: أمَا إذا كانت السفينة بيته فإنه يُتم ويصوم. قيل له: وكيف تكون بيته؟ قال: لا يكون له بَيْت غيرها، معه فيها أهله، وهو فيها مقيم، وهذا قول عطاء.
وجاء في شرح الشرقاوي على التحرير “ج 1 ص 441” في فقه الشافعية أنه لا يُباح الفطر لمُدِيم السفر، لأنه يؤدي إلى إسقاط الوجوب كلية، إلا أن يَقصِد القضاء في أيام أُخَرَ في سفره.
أما الذي يسافر كثيرًا بحكم عمله، وليس معه أهله فله قصر الصلاة والفطر، لأنه ستكون له أيام يقيم فيها فيقضى الصيام هذا، والقصْر عزيمة عند الحنفية، ومن أَتَمَّ لا يجوز له الجمع عندهم.