يجوز قراءة القرآن بنية العلاج وشرب الماء الذي قرئ فيه القرآن وسكبه على جسد المريض بقصد التداوي، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، لعموم قول الله تعالى: (ونُنزِّلُ مِن القُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ ورَحْمَةٌ للمُؤمِنينَ) (الإسراء: 82) وقوله: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ) ( فصلت:44 )، وثبت في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء وصبه على المريض ليس محذوراً من جهة الشرع إذا كانت القراءة سليمة.

وقال ابن القيم في كتابه ” زاد المعاد” في الرقية من العين:

” ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها، قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة، وذكر أيضا في حرف الكاف من الطب، قال الخلال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنهما: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ) [الأحقاف: 35] (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) [النازعات: 46] “.

قال ابن مفلح: وقال صالح بن الإمام أحمد: ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحاً فيه ماء، فيقرأ عليه، ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك.
ونقل عبد الله أنه رأى أباه ( يعني أحمد بن حنبل) يعوذ في الماء، ويقرأ عليه ويشربه، ويصب على نفسه منه. انظر الآداب الشرعية 2/144.
وقال ابن مفلح أيضاً: وقال يوسف بن موسى: أن أبا عبد الله كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد، فيقرأ عليه ويعوذ. ا.هـ.
وقد أفتى بجواز ذلك من المعاصرين الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وقد قال الشيخ ابن جبرين: وثبت عن السلف القراءة في ماء ونحوه، ثم شربه أو الاغتسال به، مما يخفف الألم أو يزيله، لأن كلام الله تعالى شفاء، كما في قوله تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) [فصلت:44]
وهكذا القراءة في زيت أو دهن أو طعام ثم شربه، أو الادهان به أو الاغتسال به، فإن ذلك كله استعمال لهذه القراءة المباحة التي هي كلام الله وكلام رسوله. على أن يستعمل في مكان طاهر. الفتاوى الذهبية /40.