كل من القراءة والاستماع له أجر عظيم وفضل عميم ، وقد قرأ النبي ﷺ القرآن وسمعه من غيره، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ طلب من ابن مسعود أن يقرأ عليه. وقد استمع النبي ﷺ لقراءة أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. فكل من القراءة والاستماع مطلوبان ويكون الأفضل بحسب حالة الشخص نفسه فقد يكون في حالة القراءة له أفضل وفي أخرى أن يستمع للقرآن من غيره أفضل.
ولكن ينبغي أن يكون أكثر الأحوال القراءة لأن ذلك الذي كان عليه النبي ﷺ وأصحابه حيث إن القراءة تشغل اللسان والقلب والعين وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال: “من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة“، والحسنة المضاعفة وضحها ﷺ في قوله: ” اقرؤوا القرآن فإن الله يأجركم على قراءته بكل حرف حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها”، وروى الترمذي والحاكم وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول “ألم” حرف ولكن: ألف: حرف ، ولام: حرف ، وميم: حرف. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
كل هذا يوضح أن أجر القراءة يفوق عموما أجر الاستماع.
إلا أنه لا يحصل إلا مع صحة القراءة ، أي تجويدها وعدم اللحن فيها، وذلك إذا كان التجويد صعبا وحرص القارئ على القراءة الصحيحة حتى إنه يتتعتع في القراءة ويكرر الكلمات حتى يصحح نطقها يكون له أجران ، أجر القراءة ، وأجر التصحيح، كما قال النبي ﷺ : ( من قرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران، ومن قرأه وهو ماهر به فهو مع السفرة الكرام البررة).
وهذا لا يعني أن أجر القارئ أفضل من أجر المستمع في كل الأحوال، بل للمستمع أجر استماعه وللقارئ أجر قراءته، والتفاوت بينهما يكون بحسب الخشوع والتدبر والتزام الآداب، قال في مطالب أولي النهى: ويسن استماع لها -أي القراءة – ليشارك القارئ في أجره.انتهى
ولهذا : من كان يجيد القراءة، أي يقرأ مع مراعاة أحكام التجويد في مخارج وصفات الحروف عند النطق، من مدود وغنن وتفخيم وترقيق وغير ذلك : فليكثر من القراءة، ولا مانع من الاستماع أيضا ، فكل خير، وخاصة عند تعذر القراءة، كأن يستمع وهو يعمل أو يستريح ونحو ذلك.
وإن كان لا يحسن القراءة ولا يصححها ولو مع التعتعة والمحاولة فعليه بالاستماع فإنه أسلم له وأفضل من القراءة مع اللحن فيها.