قتل الحشرات ليس مأمورا به مطلقا، ولا منهيا عنه مطلقا ، فقد ندب الشارع إلى قتل بعض الحشرات ، كما أنه نهى عن قتل بعضها أيضا، والضابط في ذلك هو ما تسببه من أذى، فما كان منها مؤذ فيجوز قتله، أما الحشرات التي لا تسبب ضررا، فلا يجوز قتلها.
يقول الدكتور أحمد طه ريان:
يقول المولى جل علاه: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتًا ومن الشجر ومما يعرشون).
وقال تعالى: (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون).
وقال سبحانه: (حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون).
وقال جل شأنه: (وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين)
فلكل حشرة وطير من هذه الحشرات قصة وعبرة وحكمة، ويهمنا هنا معرفة الحكم حيث كان هو المقصود من السؤال، وقد جاء في ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما: “نهى النبي ـ ﷺ ـ عن قتل أربع من الدواب: الهدهد، والصرد، والنملة، والنحلة. أخرجه أبو داود وصححه أبو محمد عبد الحق الأشبيلي والعلامة الدميري.
والصرد كما جاء في المعجم الوسيط هو طائر أكبر من العصفور ضخم الرأس والمنقار يصيد صغار الحشرات وربما صاد العصفور وكانوا يتشاءمون به.
وقال عطاء الخرساني: نسجت العنكبوت مرتين: مرة على داود (عليه السلام ) حين كان جالوت يطلبه، ومرة على النبي ـ ﷺ ـ، ولذلك نهى عن قتلها.
ومن حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ (الذُّبان كلها في النار عذابا لأهل النار إلا النحل) والذبان الحشرات التي تلدغ بذنابها.
والمراد بالنمل الذي نهى عن قتله هو النمل الكبير ؛ لأنه قليل الضرر، وأما النمل الصغير فقتله جائز، وكره مالك قتل النمل إلا أن يضر، ولا يقدر على دفعه إلا بالقتل، وأطلق ابن أبي زيد جواز قتل النمل إذا آذت.
وأما النهي عن قتل النحلة فلما فيها من المنفعة، وهو العسل والشمع، وأما منع قتل الهدهد والصرد فلتحريم لحمهما؛ لأنه نهى عن قتل الحيوان بغير مأكلة.
وموجز القول في حكم هذه الحشرات أنه ما يؤذي منها، فإنه يجوز قتله، لحديث: “فهلا نملة واحدة”. ففيه دليل على أن الذي يؤذي يُقتل، وكل قتل كان لجلب نفع أو دفع ضر، فلا بأس به عند العلماء، إلا أنه لا يجوز القتل بالنار لحديث: “لا يعذب بالنار إلا الله”.