مدة الرضاع في القرآن:

أرشد القرآن إلى تحديد الفترة التي ينبغي أن تكون بين كل مولودين في ذكره لفترة الحمل وفترة الرضاع في قوله: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة:233]. وفي قوله: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف:15].

فنبه القرآن هنا على أن الفترة المثلى في نظر الإسلام بين كل مولودين هي ثلاثون شهراً، وهو مجموع فترة الرضاع، وأقل أمد الحمل.

هل تحديد مدة الرضاع في القرآن ملزمة:

وهذا التحديد إنما هو على سبيل الإرشاد لا على سبيل الإلزام؛ لأن موضوع الحمل والرضاع والفطام متروك للأسرة، تقرر فيه ما ترى على أساس المصلحة للرضيع ولأمه، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) [البقرة: من الآية233].

وقد جاء في كتاب أحكام القرآن للإمام الجصاص من فقهاء الأحناف في تفسير قوله : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّحَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ):

وفيه أيضا دلالة على أن الفطام في مدة الرضاع موقوف على تراضيهما , وأنه ليس لأحدهما أن يفطمه دون الآخر , لقوله تعالى { فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور } فأجاز ذلك بتراضيهما وتشاورهما . وقد روي نحو ذلك عن مجاهد .
وقد روي عن بعض السلف تخفيف الحكم في هذه الآية , روى شيبان عن قتادة في قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } ثم أنزل التخفيف بعد ذلك فقال تعالى : { لمن أراد أن يتم الرضاعة } .
قال أبو بكر : كأنه عنده كان رضاع الحولين واجبا ثم خفف وأبيح الرضاع أقل من مدة الرضاع بقوله تعالى : { لمن أراد أن يتم الرضاعة } .
وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثل قول قتادة . وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } ثم قال : ( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا حرج إن أرادا أن يفطما قبل الحولين أو بعدهما ).