السواك سنة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم، وهي غير مؤقتة بوقت بل تجوز في جميع الأوقات للصائم وغير الصائم على رأي جمهور أهل العلم خلافا للشافعية الذين كرهوه آخر النهار، أما معجون الأسنان فيجوز للصائم استخدامه بشرط أن لا يتسرب لجوفه.

وقد اختلف العلماء في استخدام السواك للصائم بعد الظهر، فالشافعية منعوه إعمالا لحديث لخلوف فم الصائم، و الجمهور على الجواز، لأحاديث فضل السواك، ولأن طيب الرائحة لا يعود إلى الرائحة أصلا بل يعود إلى الصيام ذاته.

ويجوز السواك بفرشاة الأسنان وغيرها مما يحقق الحكمة من السواك وهي تطهير الفم الذي يترتب عليه مرضاة الرب، أما حديث (كل من يصلي ركعتين بسواك أفضل ممن يصلي ستين ركعة بلا سواك) فضعيف وله طرق تقويه، والأولى الوقوف عند الصحيح ففيه الكفاية.

يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا– رحمه الله-:

السواك سنة مؤكدة ووردت أحاديث متعددة باستحبابه عند القيام من النوم وعند الوضوء وعند الصلاة ، ومن أصحها حديث أبي هريرة عند أحمد والشيخين وأصحاب السنن : (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) قال النووي: (السواك مستحب في جميع الأوقات لكن في خمسة أوقات أشد استحبابًا : عند الصلاة ، وعند الوضوء ، وعند قراءة القرآن ، وعند الاستيقاظ من النوم ، وعند تغير الفم، وتغيره يكون بأشياء منها : ترك الأكل والشرب ، ومنها أكل ما له رائحة كريهة ، ومنها طول السكوت وكثرة الكلام ) .

وحديث (كل من يصلي ركعتين بسواك أفضل ممن يصلي ستين ركعة بلا سواك) رواه الدارقطني في الأفراد عن أم الدرداء بلفظ : (ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك ) وابن زنجويه عن عائشة مثله لكنه بلفظ صلاة بدل ركعتين، وهو ضعيف وله طرق تقويه، وليس منها هذا الحديث.

والغرض من سنة السواك : تنظيف الأسنان وتطييب الفم كما في حديث : ( ما لكم تدخلون عليّ قلحًا ؟ استاكوا) …الخ، والقلح جمع أقلح وهو أصفر الأسنان .

ومن اطلع على كثرة الأحاديث في السواك يكاد يعجب لشدة تأكيدها ويتوهم إذا كان جاهلاً بطبائع البشر وعادات الناس أنها مبالغة ربما كانت غير صحيحة إذ لا حاجة إلى ذلك في هذا الأمر الصغير الواضح، ولكنه إذا فطن مع هذا إلى تقصير الناس في تنظيف أسنانهم وأفواههم حتى المسلمين الذين هم أحق الناس بهذه النظافة، وعلم ما لهذا التقصير من الضرر في الصحة لأنه من أسباب تآكل الأسنان وسرعة سقوطها ، وأن هذا سبب لعدم إجادة مضغ الطعام وقلة التلذذ به ، وبذلك تقل تغذيته وفائدته ، ثم فطن إلى أن مجرد إقناع الناس بأن هذا الشيء نافع لا يحملهم على المواظبة عليه والعناية به حتى يلزموا به بأمر ديني أو يتربوا عليه من الصغر بالإلزام والتعويد – فإنه يفهم سر ذلك الحث والتأكيد .

ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :

السواك قبل الزوال مستحب كما هو دائمًا، وبعد الزوال اختلف الفقهاء فقال بعضهم: يكره الاستياك للصائم بعد الزوال . وحجته في ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ” (رواه البخاري من حديث أبي هريرة) فهو يرى أن ريح المسك هذا لا يحسن أن يزيله المسلم، أو يكره له أن يزيله، ما دامت هذه الرائحة مقبولة عند الله ومحبوبة عند الله، فليبقها الصائم ولا يزيلها، وهذا مثل الدماء … دماء الجراح .. التي يصاب بها الشهيد، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في الشهداء: ” زمّلوهم بدمائهم وثيابهم، فإنما يبعثون بها عند الله يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك ” ولذلك يبقى الشهيد بدمه وثيابه لا يغسل ولا يزال أثر الدم . قاسوا هذا على ذلك.

والصحيح: أنه لا يقاس هذا على ذلك، فذلك له مقام خاص، وقد جاء عن بعض الصحابة أنه قال: ” رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – يتسوك ما لا يحصى وهو صائم ” فالسواك في الصيام مستحب في كل الأوقات في أول النهار وفي آخره، كما هو مستحب قبل الصيام وبعد الصيام .. فهو سنة أوصى بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال: ” السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ” (رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما . ورواه البخاري معلقًا مجزومًا) . ولم يفرق بين الصوم وغيره.

أما معجون الأسنان، فينبغي التحوط في استعماله بألا يدخل شيء منه إلى الجوف وهذا الذي يدخل إلى الجوف مفطر عند أكثر العلماء ؛ ولذا فالأولى أن يجتنب المسلم ذلك ويؤخره إلى ما بعد الإفطار، ولكن إذا استعمله واحتاط لنفسه وكان حذرًا في ذلك ودخل شيء إلى جوفه فهو معفو عنه والله سبحانه وتعالى يقول :(وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به، ولكن ما تعمدت قلوبكم) (الأحزاب: 5) والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: ” رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه “.

ويقول فضيلة الدكتور أحمد طه ريان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: إن تنظيف الفم والأسنان بصفة مستمرة أمر مشروع حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:” السواك مطهرة للفم مرضاة للرب” وفي حديث ابن عباس عن رسول الله أنه قال: “عليك بالسواك فانه مطهرة للفم مرضاة للرب مفرحة للملائكة يزيد الحسنات”.

وزاد البيقهي في رواية : ويصح المعدة وهو من السنة يجلو البصر وتذهب الخفرة ويشد اللثة ويذهب البلغم ويطب الفم.

كما شرعت المضمضة ثلاث مرات في كل وضوء مبالغة في تنظيف الفم والأسنان لما في نظافة الفم والأسنان من أثر طيب على الصحة وعلى طيب رائحة الفم وسلامة الأسنان واللثة ولذلك ينبغي عدم ترك التسوك او التنظيف في أى وقت بالليل أو النهار قبل النوم أو بعده.

وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا دخل بيته بدأ بالسواك وفي حديث حذيفة رضي الله عنه عن مسلم إذا قام ليتهجد يسوك فاه بالسواك وغير ذلك من الأدلة الشرعية على استحباب المداومة على تنظيف الفم والأسنان.

ولكن اختلف العلماء في حكم السواك بعد الظهر في شهر رمضان فذهب الإمام الشافعي وأحمد إلى كراهة السواك بعد الظهر في رمضان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك”.

وذهب الحنفية والمالكية إلى عدم كراهة السواك في ذلك الوقت ؛ لأن الرائحة المتغيرة التي تخرج من فم الصائم إنما تصعد عليه من المعدة لخلوه من الطعام والشراب وليست ناتجة عن الفم والأسنان ، وعموم الأدلة تشهد بهذا الرأي الأخير .

ويمكن لمن تصعد رائحة الخلوف من معدته أن يلتمس العلاج عند الأطباء ؛ لأن المقصود بطيب رائحته عند الله من الصائم هو معني يرجع إلى الصيام ذاته ، وليس إلى الخلوف ، وذلك ليتقبل الناس إخوانهم الصائمين ، ولا ينفرون منهم .