يجوز لمن يقوم بالوساطة أو السمسرة بين البائع والمشتري أن يأخذ نسبة من كل منهما ،مادام البائع والمشتري قد رضيا بهذا، واتفقا معه على هذا، على أن يتجنب الوسيط أو السمسار الغش والتدليس، وأن يكون أمينا مع كل منهما .
يقول الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة أستاذ الفقه بجامعة القدس بفلسطين :
الوساطة التجارية أو السمسرة أو الدلالة من الأمور المشهورة والمتعارف عليها ويتعامل بها الناس منذ عهد بعيد وهي مشروعة وجائزة .
وقد ورد في الحديث عن قيس بن أبي غرزة قال :( كنا في عهد رسول الله ﷺ نسمَّى السماسرة فمر بنا رسول الله ﷺ فسمانا باسم هو أحسن منه . فقال : يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة ) رواه أبو داود وسكت عنه وقال الشيخ الألباني : صحيح . انظر صحيح سنن أبي داود 2/640 .
وعن ابن عباس قال :( قال رسول الله ﷺ لا تلقوا الركبان ولا يبع حاضر لباد – قال طاووس راوي الحديث – فقلت لابن عباس : ما قوله ( لا يبع حاضر لباد؟) قال : لا يكون له سمساراً ) رواه البخاري ومسلم .
وقال الإمام البخاري في صحيحه :[ باب أجرة السمسرة ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً . وقال ابن عباس : لا بأس أن يقول بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك .
وقال ابن سيرين : إذا قال له بعه بكذا فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك فلا بأس به . وقال النبي ﷺ :( المسلمون عند شروطهم ) . ثم ساق الإمام البخاري حديث ابن عباس السابق ] صحيح البخاري مع الفتح 5/357-358 .
وينبغي أن تكون أجرة السمسار معلومة باتفاق الفقهاء حتى لا يقع أي نزاع فيما بعد، ويصح أن تكون الأجرة مبلغاً مقطوعاً كعشرة دنانير مثلاً، ويجوز أن تكون الأجرة نسبة مئوية كأن يقول شخص لسمسار : بع لي هذه الأرض ولك 1% من ثمنها مقابل سعيك وسمسرتك .
وأما أخذ السمسار أجرة من البائع والمشتري فلا بأس به إذا كان مشروطاً أو جرى العرف بذلك فمثلاً لو قال شخص لسمسار : بع لي هذه العمارة ولك 1% من ثمنها . وقال شخص آخر لنفس السمسار اشتر لي تلك العمارة ولك 1% من ثمنها فيجوز ذلك ولا بأس به ؛ لأن الشرط المذكور شرط جائز ينبغي الوفاء به ، وقد ورد في الحديث الشريف أن النبي ﷺ قال المسلمون عند شروطهم ) رواه أبو داود وابن حبان والحاكم وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل 5/143 .
وأخيراً ينبغي التنبيه على أن السمسرة من الأمور المهمة في عالم التجارة ولكن يجب على السماسرة أن يتقوا الله سبحانه وتعالى في أعمالهم وأن يبتعدوا عن التغرير والتدليس والغش ليكون كسبهم حلالاً طيباً، وقد ثبت في الحديث أن الرسول ﷺ قال :( من غشناً فليس منا ) رواه مسلم .
وعلى السماسرة ألا يخدعوا الناس في معاملاتهم فيزينوا لهم شراء السلع والبضائع بأكثر من أسعارها الحقيقية أو يزينوا للبائعين أن يبيعوا بضائعهم بأبخس الأثمان فكل ذلك غير جائز شرعاً فلا يجوز إلحاق الضرر بالناس فلا ضَرَرَ ولا ضِرار .