جميع الكواكب والنجوم مسخرة بقدرة الله لنا ننتفع بنورها ، ونهتدي بها في ظلمات البر والبحر ، ويصح أن يكون من وجوه التسخير ارتباط بعضها ببعض بالجاذبية التي لولاها لاصطدمت الأجرام ، وخرب العالم.

الكواكب والأقمار:

يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-: السموات هي الأجرام السامية فوقنا ، وهي كثيرة جدًّا فمنها سبعة كواكب تابعة لشمسنا وهي نبتون وأورانوس وزحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد وهذه الكواكب سيارة ، ولها أقمار تتبعها كقمر الأرض ، ومنها شموس لها عوالم تابعة لها لا نعرف حقيقة أمرها ، ولكننا نعرف أن جميع هذه السموات التي فوقنا مسخرة بقدرة الله تعالى لنا ننتفع بنورها الذي هو من أسباب الحياة في الأرض ، ونهتدي بها في ظلمات البر والبحر كما قال في آية أخرى مبينة للإجمال في قوله تعالى [ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالْبَحْرِ ]( الأنعام : 97 ) ويصح أن يكون من وجوه التسخير وضروب الانتفاع ارتباط بعضها ببعض بالسنة الإلهية التي يعبرون عنها بالجاذبية العامة ؛ إذ لولا بقاء هذه الجاذبية لاصطدم بعض هذه الأجرام ببعض ، وخرب العالم كله كما أنه لولا النور المنبعث منها لما عاش حيوان ولا نبات في الأرض ، فهي مسخرة لنا بهذه الاعتبارات .

هل بعث النبي صلى الله عليه وسلم لجميع المخلوقات:

وأما بعثة نبينا لجميع المخلوقات في جميع العوالم فلا دليل عليها في عقل ولا نقل ، أما العقل فلا معنى عنده لكونه مرسلاً لقوم يسكنون في كوكب آخر ، وهو في كوكب الأرض ، وأما النقل فقوله تعالى : [ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ]( سبأ : 28 ) أما ذكر العالمين في قوله تعالى : [ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ]( الأنبياء : 107 ) ؛ فيراد به من أرسل إليهم للجمع بين الآيتين ولما عهد في تفسير مثل هذا التعبير ، كقوله تعالى: [ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ]( آل عمران : 33 ) .

صحة قول أن النبي صلى الله عليه وسلم سيد الوجود:

وأما كونه سيد الوجود فهذا اللقب لم يرد في كتاب ولا سنة ، وإنما ورد في كلام بعض المتأخرين ، ولكن ورد في الحديث الصحيح : ( أنا سيد ولد آدم ) قال الشيخ محيي الدين بن عربي : إنَّه لولا هذا الحديث لما فضلناه على غيره من الأنبياء .

فإن هذا التفاضل لا يُعرف إلا بالنص الصريح عن المعصوم ؛ لأنه لا ذوق لنا في مقامات الأنبياء ، وهو يرد ما قاله بعض المتكلمين من تفضيل خمسة على الجميع ، وجعْل الفضيلة بين الخمسة على ترتيب الذكر في هذا البيت :

محمـد إبـراهيم مـوسـى كليمه   فعيسى فنوح هم أولو العزم فاعلمِ

ويعد هذا مجازفة وتحكمًا .

والحق الذي لا مرية فيه أن سيد الوجود على الإطلاق هو الله تعالى وحده ، ومن غرور الإنسان أن يفضل جنسه على جميع خلق الله على جهله بهم ، والله تعالى يقول في بني آدم : [ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاًَ ]الإسراء : 70 ) وأن هذه الأرض التي يسكنها الإنسان إذا نُسبت إلى ملك الله الواسع كانت كذرة من جبل أو نقطة من بحر ؛ بل كانت أقل من ذلك [وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ]( المدثر : 31 ) ، والسكوت عما لا يعلم المرء أسلم .