لقد نهانا الله تعالى في كتابه العزيز وعلى لسان رسوله -ﷺ- بأن نجتنب سوء الظن فقال تعالى (يا أيها الذين اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) وفي االصحيحين (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) وحسن الصلة بالله والتوكل عليه هي خير ما يلوذ به المرء ليقي نفسه مصارع السوء، ويصرف عن نفسه كيد الشيطان ومكره.
يقول فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
على من ابتلي بهذا الداء أن يقوي صلته بالله ولا يخش أحدا إلا الله؛ لأن طاعة الله وتقواه واجتنابه نواهيه ظاهرا وباطنا، والخشية منه كل ذلك يجعله قريبا من ربه واثقا به معتمدا عليه في كل الأمور، قد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته)، وذلك أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وأن يعلم أن الخير دائما من الله وأن الشر من النفس ومن الشيطان قال تعالى: (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك).
وقد أوصى رسول الله ـ صلى الله عليه سلم ـ ابن عباس وكان حدثا ــ قال “يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك.. إذا سألت فاسأل الله وإذ استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ما نفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف” فعلمه رسول الله أن يعتمد على الله وألا يخاف أحدا غير الله؛ لأن الأمر كله بيد الله، ومن خاف غير الله ذل وضعف وكان غير قادر على شيء.
ولذلك جاء في بعض روايات الحديث أن رسول الله ـ صلى الله عليه سلم ـ قال لابن عباس وكلامه إلى الأمة بأسرها قال له: “استعن بالله ولا تعجز ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح باب الشيطان”،
وهكذا شأن المؤمن أن يكون قويا بربه ماضيا في عزمه، يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به، ويكل الأمور كلها إلى الله إن أصابه خير حمد الله وإن أصابه شر صبر واستغفر ورجع إلى نفسه فأصلحها وعاود الكرة مرة ومرة وهو على ثقة بأن الله مع من اتقاه ويتغلب على كل المصاعب.
فعلى من ابتلي بذلك أن يتسلح بالإيمان بالله، ولا يدع نفسه لوساوس النفس حتى لا يقع فريسة للظروف فالحياة جهاد وإن الله مع المتقين.