ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: “أيُّما امرأة استعطَرتْ فمرَّتْ على قوم ليجدوا ريحَها فهي زانية، وكلّ عَين زانية” رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، ورواه الحاكم أيضا وقال: صحيح. كما روه أبو داود والترمذي بلفظ “كل عين زانية والمرأة إذا استعطَرَتْ فمرّت بالمجلس كذا وكذا، يعني زانية، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وفي المأثور: خير عطر المرأة ما ظهر لونه وخفي ريحُه.
يفهم من هذا أن وصف المرأة بأنها زانية أي تشبهاً، يقوم على وضعها العطر بقصد أن يجدَ الناس ريحها، وهذا واضح لا يشكُّ أحد في أنه مذموم، فالقصد به حينئذ الفِتنة والإغراء، ولا يكون كذلك إلا إذا كان العطر نفَّاذًا أو قَوِيًّا، أما الخفيف الذي لا تجاوز رائحته مكانه إلا قليلاً، والذي لا يقصد به الإغراء ، بل إخفاء رائحة العرق مثلا فلا توصف المرأة معه بأنها كالزانية، وذلك لانتفاء القصد ومع ذلك أرى أنه مكروه على الأقل، فإن الرائحة حتى لو كانت خفيفة فستجد مَن يتأثّر بها من الرجال تزدحم بهم الطُّرق والأسواق والمواصلات، فأولى للمرأة الحرّة العَفيفة أن تبتعد عن كلِّ ما يُثير الفِتنة من قَريب أو بعيد.
وإزالة رائحة العَرق تُمكِن بالاستحمام أو غَسل المواضع التي يتكاثر فيها العرق ولا يحتاج إلى وضع روائح، فإن الخفيف منها يجرُّ إلى الكثير القوي.
وهذا كله عند وجود رجال أجانب خارج البيت أو داخله، أما مع المحارم أو الزوج أو النساء فلا مانع من الروائح، وذلك لعدم فتنة المحارم بها ولإدخال السرور على قلب زوجها، وعدم انتقاد النساء لها.
وضمير المرأة له دخل كبير في هذا الموضوع.