الاعتماد في التشريع على السُّنة النبوية مأمور به كالاعتماد على القرآن والنصوص في ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) (سورة النساء : 59) وقوله: (ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (سورة الحشر : 7) وقوله ـ ﷺ ـ “فعَلَيْكُمْ بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المُهْديين” رواه أبو داود وابن ماجه وابن حِبان والترمذي وقال : حسن صحيح. وغير ذلك من الأدلة كثير يُمكن الرجوع إليه في الجزء الأول من كتاب “بيان للناس من الأزهر الشريف” ص 67.
ومن الشُّبَه التي أَخَذ بها من يرفضون أَخْذ الأحكام من الأحاديث النبوية ما رُوي عن الرسول ـ ﷺ ـ “إذا جَاءَكُمْ عني حديث فاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ الله، فما وافق فخذوه وما خالف فاتركوه” وقد بيَّن أئمة الحديث أن هذا الحديث موضوعٌ ومُخْتَلَق على النبي ـ ﷺ ـ والقرآن نفسه يُكَذِّب هذا الحديث، فلو عرضناه على القرآن لوجدنا فيه ما يعارضه ويُكذِّبه وهو قوله تعالى: (وَمَا آَتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فالدعوى تحمل معها دليل بُطلانها، وقد وضَّح بطلان هذا الحديث البيهقي في كتابه “معرفة السُّنن والآثار” ج 1 ص 23 (انظر مجلة الأزهر عدد شبعان 1415) وقد ألهم الله نبيه ـ ﷺ ـ أنَّ قومًا سيأتون لا يعتمدون إلا على القرآن ويرفضون الأخذ بما ثبت عن النبي ـ ﷺ ـ ولذلك قال عليه ـ الصلاة والسلام ـ “أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، ألا يُوشِك رَجُلٌ شبْعان مُتكئ على أَرِيكته يقول: عَلَيْكُمْ بالقرآن فما وجدتم فيه من حلالٍ فَأَحِلُّوه وما وجدتم فيه من حرامٍ فَحَرِّمُوه، ألا، لا يحل لكم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يُقروه فإن لم يُقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قِراه” رواه أبو داود ، فقد وضَّح الرسول في الحديث أن تحريم الأشياء المذكورة ليس في القرآن، وهو تشريع واجب أن يُعْتَمد عليه، والقِرى هو الضيافة.