عرض الاعمال على الله:

روى الترمذي حديثًا قال: إنه حسن، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “تُعْرَضُ الأعمال يومَ الإثنين والخميس، فأحِبُّ أن يُعرض عملي وأنا صائم” وفي هذا دليل على ندب الصوم في هذين اليومين، وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصومهما، كما جاء التصريح بذلك في رواية ابن ماجه عن أبي هريرة.

وعَرْض الملائكة أعمالَ العباد على الله في هذين اليومين أمر تنظيمي وضعه الله سبحانه لحِكْمَة يعلمها هو، وإن كان هو يعلم كلَّ ما في الكون دون حاجة إلى كتابة الملائكة ورفْع ذلك إليه سبحانه، وهناك حديث رواه النسائي يدُل على أنَّ الأعمال تُرفع في شهر شعبان، وكان الرسول يحرص على صيامه كلِّه أو صيام أكثره؛ لأنه يُحب أن يُرفع عمله وهو صائم.

الصلة بين رفْع الأعمال في شعبان، ورفعها في كل أسبوع مرتين في يومي الإثنين والخميس؟

إن رفع الأعمال مرتين كل أسبوع ربما لا يُقصد به إخبار الله بها فهو كما قلت ـ غَني عن هذه الوسائل ولعلَّ القصد منه حث العباد على الطاعة وتحذيرهم من المعصية، فالمتابعة مستمرة حاضرة غير غائبة، وقد يوضح ذلك عمل امتحانات للمتعلمين في أثناء السنة الدراسية، حتى لا يتكاسلوا عن المذاكرة إلى أن يقرُب امتحان آخر العام فهناك يكون الجد والتعب؛ لأن نتيجته هي المهمة.

وعلى هذا الضوء يُمكن فهم المقصود من عرض الأعمال في الأسبوع مرتين، تمهيدًا للعرض العام في كلِّ سنة في شهر شعبان، ثم العرض الأكبر يوم القيامة ليقرأ كل إنسان ما كُتب عليه، ويعرف النتيجة النهائية للنشاط الذي باشره طول حياته في الدنيا.

والزرقاني في شرحه للمواهب اللَّدنيَّة عن الصيام في شهر شعبان ورفع الأعمال أشار إلى أن هذا الرفع هو رفع خاص ولم يُوضِّح الخصوصية التي فيه، فلنترك الأمر لله ولنُقْبِل على الطاعة ولْنُبَادِر بالتوبة من المعصية، حتى تبيض وجوهنا يوم العَرْض على الله سبحانه.