عذاب القبر ونعيمه ثابتان بنصوص الكتاب والسنة، ويجب الإيمان بهما، ويلحقان الروح والبدن معاً، وقد نُقل على ذلك اتفاق أهل السنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى( 4/282) بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن وتعذب متصلة بالبدن، والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعين، كما يكون للروح مفردة عن البدن. وقال( 4/262 ): وإثبات الثواب والعقاب في البرزخ ما بين الموت إلى يوم القيامة، هذا قول السلف قاطبة وأهل السنة والجماعة، وإنما أنكر ذلك في البرزخ قليل من أهل البدع.
والأدلة على إثبات عذاب القبر ونعيمه كثيرة منها:
1- ما في الصحيحين ومسند أحمد وأبي داود والنسائي من حديث أنس أن النبي ﷺ قال: ” إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان، فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ -لمحمد- فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما، ويفسح له في قبره سبعون ذراعاً، ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون. وأما الكافر أو المنافق فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال له: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه”.
فقوله ﷺ: (يسمع قرع نعالهم – فيقعدانه – ضربة بين أذنيه – فيصيح صيحة – حتى تختلف أضلاعه ) كل ذلك دليل واضح على شمول الأمر للروح والجسد.
2- وروى الترمذي من حديث أبي هريرة بسند حسن أن النبي ﷺ قال: ” إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما: المنكر، وللآخر: النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل، فيقول: ما كان يقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال: نم. فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم . فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وإن كان منافقاً قال: سمعت الناس يقولون قولاً فقلت مثله ، لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذباً، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك”.
فقوله: “فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه ” صريح في ذلك.
3- وعند أحمد من حديث عائشة بسند حسن :” فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع، وإذا كان الرجل السوء أجلس في قبره فزعاً
4- وفي حديث البراء بن عازب الطويل الذي رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة والحاكم وغيرهم بسند صحيح وأوله: “إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه ” وفيه: ” يحملونها (الروح) في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط… ويصعدون بها… فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في علين، وأعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه…… وفيه: ” فيفسح له في قبره مد بصره ” . وفيه عند الحديث عن العبد الكافر وأن الملائكة تصعد بروحه فلا تفتح له أبواب السماء ” فيقول الله: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً، فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه ……” وفيه: ” ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه” ، وهذا صريح في أن الروح مع الجسد يلحقها النعيم أو العذاب. ويمكنك الوقوف على نص هذا الحديث العظيم كاملاً بالبحث عنه في موسوعة الحديث الشريف بهذا الموقع.
وأما الدليل على أن النعيم قد يلحق الروح منفردة عن البدن فهو في ما سبق من كون الروح تصعد إلى السماء وتفتح لها أبواب السماء ، وأيضاً: روى أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث كعب بن مالك أن النبي ﷺ قال:”إنما نسمة المؤمن طائر معلق في شجر الجنة، حتى يبعثه الله إلى جسده يوم يبعثه.
فمجموع النصوص يدل على أن الروح تنعم مع البدن الذي في القبر، أو تعذب، وأنها تنعم في الجنة وحدها.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه إن لم يتجاوز الله عنه، قبر أم لم يقبر ، فلو أكلته السباع، أو حرق حتى صار رماداً، أو نسف في الهواء، أو أغرق في البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل من المقبور، قاله ابن القيم رحمه الله ونقله عنه السفاريني في لوامع الأنوار.
عذاب القبر
اقرأ المزيد في سلسلة: "عذاب القبر"
- عذاب القبر ونعيمه بالروح أم بالجسد
- حقيقة عذاب القبر ونعيمه
- كيف يكون عذاب القبر ونعيمه
- عذاب القبر
- استمرارية عذاب القبر
- عذاب القبر لتارك الصلاة
- عذاب القبر ونعيمه
- الإيمان بعذاب القبر
- عذاب القبر للروح أم للجسد
- التصديق بنعيم القبر وعذابه
- سؤال القبر وعذابه ونعيمه
- نعيم القبر وعذابه ورأي الدين في ذلك
- سؤال القبر
- سورة الملك وضمة القبر
- ضمة القبر هل ينجو منها أحد؟
- الدعاء عند إنزال الميت القبر
- وضع الجريد والزهور على القبر وبيعها
- حكم الزراعة على القبر
- دفن المصحف مع الميت في القبر
هل انتفعت بهذا المحتوى؟
اخترنا لكم
الإيمان وأثره في تحقيق النصر
من هدي الإسلام في العلاقة الجنسية بين الزوجين
المبشرات بانتصار الإسلام
حديث فراسة المؤمن
الله أكبر ..وأثرها في سلوك المسلمين
كيفية مراجعة المطلقة
نواقض الوضوء المتفق عليها
واجب المسلم تجاه السنة النبوية
صلاة قضاء الحاجة ودعائها: كما وردت في السنة النبوية
شرح أسماء الله الحسنى وفضلها
الأكثر قراءة