جمهور العلماء على أن المرأة إن طافت وهي حائض فسد طوافها، والواجب عليها العود مرة ثانية للطواف بعد الطهر، فإن تعسر، فيمكن الأخذ برأي الأحناف وشيخ الإسلام ابن تيمية من كون الطهارة غير واجبة في الطواف ، وخاصة في الحالات التي يتعسر على المرأة فيها الانتظار حتى الطهر.
يقول الدكتور عبد الله الفقيه :
لا يشترط الطهر لشيء من أعمال العمرة أو الحج، إلا شيئا واحدا هو الطواف، والواجب على المرأة أن لا تطوف وهي غير طاهرة، ويجب على محرمها أن يبقى معها حتى تطهر وتطوف، ولو تخلفا عن حملة الحج القادمين معهم، لأن النبي ﷺ لما بلغه أن صفية قد حاضت وهو معه كثير من المسلمين، قال: “أحابستنا هي؟” فقيل له: إنها قد طافت. ومحل الشاهد من هذا: أن ولي المرأة المرافق لها في الحج والعمرة يجب عليه انتظارها إذا طرأ عليها عذر مانع لها من الطواف حتى يزول عنها العذر، وتغتسل ثم تطوف وهي طاهر.
وهنالك رأي آخر وهو رأي الأحناف، وهو أن الطواف لا يشترط لصحته أن يكون الطائف طاهرا، وقد جنح شيخ الإسلام ابن تيمية إلى القول بمذهب الأحناف، فقال في المرأة التي تخشى فوات الرفقة إن هي انتظرت حتى تطهر: إنها تستثفر (تستعمل حفاظة، أو ما في معناها)، ثم تطوف وهي على حالها.
والذي نراه: هو أنه إذا أمكن العود لإتمام العمرة على الوجه الذي ذكرناه، فلا شك أن ذلك أولى ، لأن قول الجمهور هنا قول قوي، وإن لم يمكنها العود: فالأخذ بمذهب شيخ الإسلام والأحناف سائغ، إذا كان العود عسيرا عليها: فالله تعالى يقول: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} ويقول: {فاتقوا الله ما استطعتم} والنبي ﷺ يقول: “إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم”.