درس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث هذه المسألة ، ورأى أنه إذا طلب الزوج من زوجته أن تعينه على فسقه فعليها أن تمتنع فإن أبى عليها فيجوز لها حينئذ أن تطلب الطلاق، بل يجب ، وإذا جمع بين الفسق وسوء العشرة فيجوز كذلك لها أن تطلب الطلاق ، وأما إذا كان فاسقا مع حسن العشرة، ورجت منه صلاحا وتوبة بنصيحتها له فيحسن حينئذ بها أن لا تطلب الطلاق.

وهذا نص فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث:-

الزواج ميثاق غليظ، ورباط مقدس، يجمع بين الرجل والمرأة على كتاب الله تعالى وعلى سنة رسوله – -، ويجعل كلاً منهما لصاحبه بمنـزلة اللباس له كما قال الله تعالى في تصوير هذه العلاقة بينهما: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: من الآية187]، بما توحي به كلمة (اللباس) من القرب واللصوق والستر والدفء والزينة.
ولهذا يجب على كل من الزوجين أن يحسن عشرة صاحبه، وأن يصبر عليه، ولا يجوز للرجل أن يطلق زوجته للإضرار بها؛ لأن في ذلك هدم هذه المؤسسة المشتركة، وكسر قلب الزوجة، وربما فرق بينها وبين أولادها منه بغير مبرر ولا ضرورة، ومن هنا كان التفريق بين المرء وزوجه من الكبائر الموبقة، وهو من أحب الأعمال إلى إبليس كما جاء في بعض الأحاديث.
وإذا كان الزوج يحرم عليه إضرار امرأته بالطلاق بلا عذر، فكذلك لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بلا عذر موجب، وقد جاء فيما رواه أحمد والترمذي وحسنه، عن ثوبان – رضي الله عنه- أن النبي قال: “أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة”.
ومفهوم الحديث: أنها إذا طلبت الطلاق من بأس وبسبب، فلا إثم عليها.

فهل يكون فسق الزوج سببًا موجبًا أو مجيزًا لطلب الطلاق من المرأة؟
ولا ريب أن الفساق يختلفون في مدى فسقهم وفي معاشرتهم لنسائهم، فمنهم من يريد من امرأته أن تعينه على فسقه، بأن تقدم له الخمر مثلاً، وهو حرام عليها، فيجوز لها أن تطلب الطلاق تفاديًا لما يمكن أن يصيبها من الإثم.
ومنهم من يسيء عشرته لامرأته ويضارها ويؤذيها، فهذا يعطيها الحق في طلب الطلاق وخصوصًا إذا استمر في ذلك، ولم ترج منه التوبة ولا استقامة حال، ومنهم من لا يفعل هذا ولا ذاك، وهو حسن العشرة معها، فهذا هو الذي يختلف فيه.
وجمهور الفقهاء يرون أن تارك الصلاة كسلاً إنما هو عاص فاسق لا كافر مرتد، وعلى هذا لا يجب التفريق بينه وبين امرأته.
والذي نرجحه هنا: أن المرأةإذا كانت تأمل في رجعة زوجها إلى الله، وأنه يمكن أن تؤثر فيه النصيحة والموعظة، وأن حاله يمكن أن يتحسن، فعليها أن تصبر عليه، وإن كان فاسقًا بترك الصلاة وبشرب الخمر، وخصوصًا إذا كان معها أولاد من ذلك الرجل، وتخشى عليهم التشتت والضياع.
وهذا بشرط ألا يستحل ترك الصلاة أو شرب الخمر، فينتقل بذلك إلى الكفر الصريح المفرق بين المرء وزوجه.