قال العلامة ابن تيمية (الجد) في كتابه (منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار): باب فساد العقد: إذا شرط أحدهما لنفسه التبن، أو بقعة بعينها، ونحو. ويعنى بالعقد عقد المزارعة. وذكر في الباب جملة أحاديث منها:
عن رافع بن خديج قال: كنا أكثر الأنصار حقلاً، فكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه، ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك .. أخرجاه (أي البخاري ومسلم).
وفي لفظ: كنا أكثر أهل الأرض مزدرعا. كنا نكري الأرض بالناحية منها تسمى لسيد الأرض. قال: فربما يصاب ذلك وتسلم الأرض. وربما تصاب الأرض ويسلم ذلك، فنهينا .. رواه البخاري.
وفي لفظ قال: إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله ﷺ بما على الماذيانات وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا، ويسلم هذا، ويسلم هذا، ويهلك هذا، ولم يكن للناس كري إلا هذا، فلذلك زجر عنه. رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
وفي بعض الروايات: أن صاحب الأرض كان يستثني لنفسه ما على الأربعاء (جمع ربيع وهو الجدول) أو التبن، أو مقداراً معيناً من الثمر، فنهى النبي ﷺ عن ذلك كله [1][2].
وهذه الروايات وغيرها مما في معناها، تدل على أن النبي ﷺ نهى وزجر عن اختصاص أحد طرفي العقد بشيء من الخارج من الأرض، قد يسلم هو وحده، أو يهلك هو وحده فيكون لأحد الطرفين غنم مضمون، أو غرم محتمل، لا يشاركه في الآخر. وليس هذا بالعدل الذي يريده الإسلام.
إن عدل الإسلام الذي ناشده الرسول ﷺ من وراء النهي المعلل المذكور في الأحاديث السابقة أن يشترك طرفا المزارعة في المغنم والمغرم جميعاً .. وإذا كانت الأحاديث قد جاءت في المزارعة، فلا شك أن المشاركة أختها. المشاركة مزارعة في الحيوان، والمزارعة مشاركة في الزراعة.