الدية وضوابطها :

إذا تم التصالح على دفع مبلغ أقل من الدية في القتل الخطأ فهذا جائز ولا حرج في ذلك وذلك لأن أولياء الدم لهم الحق في العفو عن الدية كاملة، فالعفو عن جزء منها يكون جائز من باب أولى، أما الذي يمنع هو التصالح على مبلغ أكثر من مبلغ الدية، لأن الزيادة في هذه الحالة زيادة على الحق المقرر شرعا فيكون أكلا لأموال الناس بالباطل وهو غير جائز شرعا.
أما التصالح على أكثر من الدية، أو أقل منها في القتل العمد فهذا جائز، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.

التصالح بأكثر من الدية في القتل الخطأ :

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:
إذا صالح عن قتل الخطأ بأكثر من ديته من جنسها لم يجز . وكذلك لو أتلف شيئا غير مثلي لغيره , فصالح عنه بأكثر من قيمته من جنسها لم يجز أيضا , وذلك لأن الدية والقيمة ثبتت في الذمة مقدرة , فلم يجز أن يصالح عنها بأكثر من جنسها الثابتة عن قرض أو ثمن مبيع ; ولأنه إذا أخذ أكثر منها فقد أخذ حقه وزيادة لا مقابل لها , فيكون أكل مال بالباطل .

العفو في الدية :

ولا خلاف بين الفقهاء في أن الدية تسقط بالعفو عنها . فإذا عفا المجني عليه عن دية الجناية على ما دون النفس من القطع وإتلاف المعاني تسقط ديتها ; لأنها من حقوق العباد التي تسقط بعفو من له حق العفو , والمجني عليه هو المستحق الوحيد في دية الأطراف والمعاني . واتفقوا على أن دية النفس تسقط بعفو أو إبراء جميع الورثة المستحقين لها . وإذا عفا أو أبرأ بعضهم دون البعض يسقط حق من عفا وتبقى حصة الآخرين في مال الجاني إن كانت الجناية عمدا, وعلى العاقلة إن كانت خطأ . أ.هـ

التصالح بأكثر من الدية في القتل العمد :

أما عن جواز الصلح على أكثر من الدية في القتل العمد فقد جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
( وإن قتل من للأولياء أن يقيدوا به, فبذل القاتل أكثر من الدية على أن لا يقاد , فللأولياء قبول ذلك ) وجملته أن من له القصاص, له أن يصالح عنه بأكثر من الدية, وبقدرها وأقل منها, لا أعلم فيه خلافا; لما روى عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من قتل عمدا دفع إلى أولياء المقتول; فإن شاءوا قتلوا, وإن شاءوا أخذوا الدية, ثلاثين حقة, وثلاثين جذعة, وأربعين خلفة, وما صولحوا عليه فهو لهم. وذلك لتشديد القتل” . رواه الترمذي , وقال : حديث حسن غريب.

وروينا أن هدبة بن خشرم قتل قتيلا , فبذل سعيد بن العاص والحسن والحسين لابن المقتول سبع ديات , ليعفو عنه , فأبى ذلك , وقتله. ولأنه عوض عن غير مال , فجاز الصلح عنه بما اتفقوا عليه , كالصداق , وعوض الخلع, ولأنه صلح عما لا يجري فيه الربا , فأشبه الصلح عن العروض )