يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:

ضربة الغائص التي ورد النهي عنها ؛ هي أن يقول الغائص للتاجر مثلاً: أغوص لك في البحر غوصة، فما أخرجته فهو لك بكذا، قالوا وقد نهي عنه لما فيه من الغرر؛ ولأنه من بيع المجهول وهو يشبه القمار وهو غير جائز ، ومثله ضربة القانص – أي الصائد – يرمي شبكته في البحر مرة بكذا درهمًا.

والحديث في النهي عن ضربة الغائص ضعيف، رواه أحمد وابن ماجه والبزار والدارقطني عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعن بيع ما في ضروعها إلا بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص)؛ وشهر بن حوشب مختلف فيه، حسن البخاري حديثه، وقال ابن عدي: شهر ممن لا يحتج به ولا يتدين بحديثه، وقد صرح الحافظ ابن حجر بضعف سند الحديث، ولكنهم قووا متنه بالأحاديث الصحيحة في النهي عن بيع الغرر.

استئجار الغواصين:

استئجار الغواص للغوص مدة معلومة أو مرات معدودة جائز؛ لأن كلا منهما استئجار لعمل معين بأجرة معلومة، والفرق بين ضربة الغائص والاستئجار للغوص، أن الغواص في الحالة الأولى يبيع شيئًا مجهولاً لا يملكه، وفي الحالة الثانية يعمل عملاً بأجرة، وليست الأجرة للغوص عدة مرات جائزة لأجل تعدد المرات، ولا ضربة الغائص ممنوعة لأنها مرة واحدة، بل لما ذكرنا من الفرق فالضربة والضربات سواء في ذلك البيع وفي هذه الإجارة.

والأجير يستحق الأجرة بمجرد العقد كما صرح به الحنابلة، ويجوز تأخيره بالتراضي، ولأصحاب الأموال وأصحاب السفن الذين يقرضون الغواصين بتلك الشروط التي لا علاقة لها بالقرض، ولا تقيم المحاكم لها وزنًا أن يستأجروهم للغوص قبل وقته، ويعطوهم الأجرة كلها أو بعضها عند العقد أو بعده وقبل زمن الغوص بحسب الحاجة، فهذه أمثل الطرق إن كانوا يخافون غدرهم وعدم وفائهم. وأما الذين يقرضون المال لأجل أن يشتروا اللؤلؤ في موسمه، فخير لهم أن يطبقوا معاملتهم على قواعد السلم إن أمكن.