ورد في الحديث كما في نيل الأوطار عن أبى أيوب عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال:( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذاك صيام الدهر ) رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي.
ورواه أحمد في حديث جابر وعن ثوبان عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ( من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) ( رواه ابن ماجه ).
وبيانه أنه الحسنة بعشر أمثالها فصيام رمضان بعشرة أشهر وصيام الست بستين يوما وهذا تمام السنة فإذا استمر الصائم على ذلك فكأنه صام دهره كله .
وفى الحديثين دليل على استحباب صوم الست بعد اليوم الذي يفطر فيه الصائم وجوبا وهو يوم عيد الإفطار والمتبادر في الإتباع أن يكون صومها بلا فاصل بينها وبين صوم رمضان سوى هذا اليوم الذي يحرم فيه الصوم وإن كان اللفظ يحتمل أن يكون الست من أيام شوال، والفاصل أكثر من ذلك كما أن المتبادر أن تكون الست متتابعة وإن كان يجوز أن تكون متفرقة في شوال فإذا صامها متتابعة من اليوم الثاني منه إلى آخر السابع فقد أتى بالأفضل وإذا صامها مجتمعة أو متفرقة في شوال في غير هذه المدة كان آتيا بأصل السنة .
وممن ذهب إلى استحباب صوم الست الشافعية وأحمد والظاهرية ففي المجموع للنووي ويستحب صوم الست من شوال لما رواه مسلم وأبو داود واللفظ لمسلم (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ).
ويستحب أن يصومها متتابعة في أول شوال أي بعد اليوم الأول منه (الذي يحرم فيه الصوم ) فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز وكان فاعلا لأصل هذه السنة لعموم الحديث وإطلاقه وهذا لا خلاف فيه عندنا وبه قال أحمد وداود -انتهى - ملخصا وفى المغنى لابن قدامة أن صوم الست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم وبه قال الشافعي واستدل أحمد بحديثي أبى أيوب وثوبان - انتهى - ملخصا والمختار عند الحنفية كما في الدر وحواشيه أنه لا بأس به لأن الكراهة إنما كانت لأنه لا يؤمن من أن يعد ذلك من رمضان فيكون تشبها بالنصارى وذلك منتف بالإفطار أول يوم من شوال .
وكان الحسن بن زياد لا يرى بأسا بصومها ويقول كفى بيوم الفطر مفرقا بينها وبين رمضان .
وكذلك عامة المتأخرين لم يروا بأسا بصومها.
واختلفوا هل الأفضل التفريق أو التتابع… وكرهه أبو يوسف وقد علمت أن المختار خلافه عندنا من شوال لم أر أحدا من أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه .