وردت عدة أحاديث حول الدِّيك وصياحه ودلالته على أوقات الصلاة، وقد جاء في كتاب ” دفاع عن السنة ” ص146 أن كل الأحاديث في ذلك موضوعة ما عدا حديثًا واحدًا، وهذه طائفة من هذه المرويات ذكرها الدميري في كتابه ” حياة الحيوان الكبرى”.
1 ـ روى عبد الحق بن نافع بإسناده إلى جابر بن أثوب ـ بسكون الثاء، وهو أثوب بن عتبة أن النبيّ ـ صَلّى الله عليه وسلّم ـ قال:” الدِّيك الأبيض خليلي” وإسناده لا يثبت، ورواه غيره بلفظ ” الدِّيك الأبيض صديقي وعدو الشيطان، يحرس صاحبه وسبع دور خلفه” وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلم يَقتنيه في البيت والمسجد.
2 ـ وفي التهذيب في ترجمة ” البزي ” الراوي عن ابن كثير أن النبيّ ـ ﷺ ـ قال:” الدّيك الأبيض الأفرق حبيبي وحبيب حبيبي جبريل، يحرس بيتًا وستة عشر بيتًا من جيرانه ” وهو حديث ضعيف.
3 ـ روى الشيخ محب الدين الطبري أن النبي ـ ﷺ ـ كان له دِيك أبيض، وكان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يسافرون بالديكة لتعرفهم أوقات الصلاة.
4 ـ في الصحيحين ـ البخاري ومسلم ـ وسنن أبي داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ﷺ قال:” إذا سمعتم صياح الدِّيكة فاسألوا الله من فضله، فإنّها رأتْ ملِكًا، وإذا سمعتم نهاق الحمير فتعوَّذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانا.
قال القاضي عياض: سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء واستغفارهم وشهادتهم له بالإخلاص والتضرع والابتهال، وفيه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين والتبرك بهم، وإنما أمرنا بالتعوُّذ من الشيطان عند نهيق الحمير؛ لأن الشيطان يخاف من شره عند حضوره فينبغي أن يتعوّذ منه . انتهى .
5 ـ روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن زيد بن خالد الجهني ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال:” لا تسبُّوا الدِّيك فإنّه يُوقِظُ للصَّلَاةِ” إسناده جيد ، وفي لفظ ” فإنه يدعو إلى الصلاة .
قال الإمام الحليمي . فيه دليل على أنَّ كُلَّ مَن استفيد منه خَير لا ينبغي أن يُسب ويُستهان به ، بل حقُّه أن يُكرم ويُشكر ويُتلقَّى بالإحسان ، وليس معنى دعاء الدِّيك إلى الصلاة أنه يقول بصراحة: قد حانت الصلاة ، بل معناه أن العادة قد جرت بأنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر وعند الزوال ، فَطَرَه الله عَلَيهَا فيتذكر الناس بصُراخه الصلاة ولا يجوز لهم أن يُصلُّوا بصُراخه من غير دلالة سواه ، إلا من جَرَّبَ منه ما لا يختلف ، فيصير ذلك له إشارة ، والله أعلم .انتهى .
6 ـ وروى الحاكم في المُسْتَدْرَك فِي أَوائل كتاب الإيمان ، والطبراني ورجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ قال ” إن الله أذِنَ لي أن أحدث عن ديكٍ رجْلاه فِي الأرض وعُنُقُهُ مثنية تحت العَرْشِ وهو يقول : سبحانَكَ ما أعظم شأنك قال : فيرد عليه ، ما يعلم ذلك من حَلَفَ بِي كَاذِبًا ” وروى مثله أو قريبًا منه الغرياني عن ثوبان عن الرسول ، والطبراني والبيهقي عن محمد بن المنكدر عن جابر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ ﷺ ـ وهو في كامل ابن عدي في ترجمة علي بن أبي علي اللهبي ، قال : وهو يروي أحاديث مُنكرة عن جابر رضي الله عنه .
7 ـ جاء في معجم الطبراني وتاريخ أصبهان وصفٌ للديك وجناحيه المُوَشَّيين بالزبَرْجَد والياقوت واللؤلؤ ، وفي وصف صورة الديك جاء مثل ذلك في قوت القلوب لأبي طالب المكي والإحياء للإمام الغزالي .
هذه بعض المرويات عن الديك ذكرتها لتكون صورةً عما يتخيله الرواة عنه ، ولا يصحُّ منها ولا يُقبل إلا ما جاء من الأمر بالدعاء عند سماع صياحه؛ لأنه رأى مَلَكًا ، ومن النهي عن سَبِّه؛ لأنه يوقظ للصلاة ، وتقدَّم قول الحليمي في ذلك ، وكون الديك أو الحيوان يرى مَلَكًا أَوْ يُحس به أمر ثابت من خَبَر أُسَيْد بن حُضَيْر واضطراب فرسه عند قراءته للقرآن؛ لأنه رأى الملائكة كما قال النبي ـ ﷺ ـ وقد أكد العلم الحديث إحساس بعض الحيوانات والطيور بأشياء في الكون لا يُحس بها الإنسان .
وما وراء ذلك من وصف الديك أهو مَلَكٌ ، أو اقتناه النبي فليس بثابت ولا تهمنا معرفته .