من البركة الحاصلة من وراء إقامة سنة تناول طعام السحور أن الله تعالى وعد من يقوم بهذه السنة بأنه سبحانه وتعالى يصلي عليه هو وملائكته، ويشهد لهذا ما ورد في مسند الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” السحور أكلة بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء؛ فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين “.

وقال عنه السيوطي : صحيح. وقال المنذري في الترغيب والترهيب: رواه أحمد، وإسناده قوي. وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير.

وقال الحافظ المناوي في فيض القدير مبيناً البركة الحاصلة من السحور، وكيفية صلاة الله على المتسحرين : أي: الذين يتناولون السحور بقصد التقوي به على الصوم لما فيه من كسر شهوة البطن والفرج الموجبة لتصفية القلب وغلبة الروحانية على الجسمانية الموجبة للقرب من جانب الرب تعالى فلذلك كان السحور متأكد الندب جداً.

وصلاة اللّه عليهم رحمتهم وصلاة الملائكة استغفارهم لهم وهذا ترغيب عظيم فيه، كيف لا وهو زيادة في القوة، وزيادة في إباحة الأكل، وزيادة في الرخص المباحة التي يحب اللّه أن تؤتى وزيادة في الحياة، وزيادة في الرفق، وزيادة في اكتساب الطاعة، فكأنه جعل السحور وقتاً لزيادة النعمة، ودفعاً للنقمة فتدبر.أهـ

كما ورد الحث على السحور في غير موضع من السنة النبوية منها ما رواه البخاري أن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً “.

والبركة إنما تحصل فيه بأشياء كثيرة منها اتباع السنة.

قال الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري:

المراد بالبركة الأجر والثواب فيناسب الضم لأنه مصدر بمعنى التسحر، أو البركة لكونه يقوي على الصوم وينشط له ويخفف المشقة فيه فيناسب الفتح لأنه ما يتسحر به، وقيل البركة ما يتضمن من الاستيقاظ والدعاء في السحر، والأولى أن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة، وهي اتباع السنة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوى به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام.

قال ابن دقيق العيد:

هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية فإن إقامة السنة يوجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم.أهـ