أجمع الفقهاء على مشروعية صلاة الجنازة على الحاضر وأنها فرضُ كِفاية، لكنهم اختلفوا في مشروعية صلاة الجنازة على الغائب، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنها مشروعة ، ولم يشترطوا أن تكون صلاة الغائب بعد صلاة الجنازة الحاضرة عليه ، ولا قبلها، وذهب المالكية والحنفية إلى أن صلاة الغائب غير مشروعة أصلا.
وذلك على النحو التالي:
1 ـ أجازها الشافعية والحنابلة بقولهم: وتجوز الصلاة على الغائب في بلد آخر بالنِّيَّة، فيَستقبل القبلة ويُصلي عليه كصلاته على الحاضر، وسواء أكان الميت جهة القبلة أم لم يكن، وسواء كان بين البلدينِ مسافة القَصْر أم لم يكن، لمَا رُوي عن النبيِّ ـ ﷺ ـ أنه نعَى النجاشيَّ صاحب الحبَشة اليوم الذي مات فيه، وصلَّى بهم بالمُصلَّى، فكبَّر عليه أربعًا. متفق عليه. المغني لابن قدامة 2/392.
2 ـ وقالت الحنفية: ولا يُصلَّى على الميت إلا مرةً واحدةً، لا جماعة ولا وِحدانًا، إلا أن يكون الذين صلَّوا عليها أجانبَ بغير أمر الأَولياء ثم حضَر الوليُّ فحينئذٍ له أن يُعيدها؛ لأن الميت إن كان في جانب المَشرق فإنِ استقبل القِبلة في الصلاة عليه كان الميت خلْفه، وإنْ استقبل الميت كان مُصلِّيًا لغير القبلة وكل ذلك لا يجوز. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: 1/311 ـ 312).
3 ـ وقالت المالكية: لا يُصلَّى على غائبٍ. أي يُكرَه، فالنهْيُ عندهم يُحمل إما على الحُرمة أي عدم الجواز أو على الجواز مع الكراهة كهذه المسألة.
وأما صلاته ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهو بالمدينة على النجاشيِّ لمَّا بلَغه موتُه بالحبشة فذاك مِن خُصوصيَّاته، أو أن صلاته عليه لم تكن على غائبٍ له ـ ﷺ ـ حتى رآه، فتكون صلاته عليه كصلاة الإمام على ميتٍ رآه ولم يَرَهُ المأمومون، ولا خلاف في جوازها.
وَرَدَّ ابن العربيّ الجوابَينِ معًا بأن كُلًّا من الخصوصية والرفْع يفتقر لدليلٍ وليس بموجود (الدسوقي على الشرح الكبير: 1/472).
وأما شروط الجنازة: فمنها تطهير الميت، فلا تجوز الصلاة عليه قبل الغسل أو التيمم، باتفاق المذاهب كما جاء بكتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري.