ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه تجوز الصلاة على الميت داخل المسجد وقد ثبت ذلك عن رسول الله ﷺ، كما ثبت من فعل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وكما تجوز صلاة الجنازة داخل المسجد فإنها تجوز خارجه أيضا، فقد ثبت من هدي النبي ﷺ أنه كان يصلي على الجنائز في مكان خاص يقال له: مصلى الجنائز، وعلى هذا فالأمر واسع ولا يجوز الإنكار في مثل هذه المسائل.
يقول فضيلة الدكتور صلاح الصاوي –أمين عام مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا الشمالية-:
هذه القضية من المسائل الاجتهادية التي لا ينبغي أن ينكر فيها على المخالف، فكلا الأمرين ثابت من هديه ﷺ، فصلاة الجنازة داخل المسجد صحيحة بلا كراهة لثبوت ذلك عن النبي ﷺ، فقد روى مسلم في صحيحه أن عائشة رضي الله عنها أمرت أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فتصلي عليه فأنكر الناس ذلك عليها فقالت : ما أسرع ما نسي الناس ما صلى رسول الله ﷺ على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد . وهو قول الشافعي وجمهور أهل العلم وهي السنة المعمول بها في الخليفتين بعد رسول الله ﷺ صلَّى عمر على أبي بكر الصديق في المسجد، وصلَّى صهيب على عمر في المسجد بمحضر كبار الصحابة وصدر السلف من غير نكير.
قال ابن قدامة: [ ولا بأس بالصلاة على الميت في المسجد إذا لم يخف تلويثه وبهذا قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور وداود ] المغني 3/368 .
وقال النووي: [الصلاة على الميت في المسجد صحيحة جائزة لا كراهة فيها ] المجموع 5/213 .
والصلاة على الجنازة خارج المسجد صحيحة كذلك، فقد ثبت من هدي النبي ﷺ أنه كان يصلي على الجنائز في مكان خاص يقال له: مصلى الجنائز، وكان خارج المسجد النبوي من جهة الشرق، ومن الأدلة على ذلك:
ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب الجنائز باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد، ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صلاة النبي ﷺ على النجاشي، وفيه أن النبي ﷺ صف بهم بالمصلى فكبر عليه أربعاً.
حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاءوا إلى النبي ﷺ برجل منهم وامرأة زنيا فأمر بهما فرجما قريباً من موضع الجنائز عند المسجد.قال الحافظ ابن حجر: [ودل حديث ابن عمر المذكور على أنه كان للجنائز مكان معد للصلاة عليها] فتح الباري 3/254 .
والخلاصة أن كلا الأمرين جائز، وان المفاضلة بينهما في محل الاجتهاد، وأنه لا ينبغي أن نجعل من مثل هذه القضايا الاجتهادية مثار خصومة أو إنكار.