إن الله تعالى يدخل أهل الجنة الجنة بفضله، لا بالعمل الذي يعمله الإنسان، فعمل الإنسان لا يكافئ ما أعطى الله الإنسان من النعم؛ إذ لا يمكن وزن أعمال الإنسان في مقابل عينه مثلاً أو يده، أو لسانه، أو حركته، أو حياته، فالله تعالى أعطى الإنسان من النعم ما يوازن كل أعماله التي يؤديها من الأعمال الصالحة؛ ولذلك فإن دخول الجنة بفضل الله عز وجل، حين سئل رسول الله –ﷺ- هل يدخل أحد الجنة بعمله يا رسول الله؟، قال: “لا”، قال السائل: ولا أنت يا رسول الله؟، قال: “ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته”.
وقد قرَّر علماء العقيدة أن بعض المؤمنين يدخلهم الله الجنة بغير حساب، عددهم كما ورد في الحديث سبعون ألفًا، لفظ السبعين هنا يراد به الكثرة، فسيدخل عدد كبير الجنة إن شاء الله بغير حساب، والحديث يتحدث عن بعض صفات هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب:
الصفة الأولى: أنهم لا يتطيرون، معناها أنهم لا يتشاءمون، وكانت العرب تتطير فإذا أرادوا السفر مثلاً زجروا الطير، وإن طارت ناحية اليمين يسافروا، وإن طارت ناحية الشمال لا يسافروا، والرسول –ﷺ- كان يحب الفأل الحسن، ولا يتطير، وقال في حديثه الشريف الآخر: “لا طيرة في الإسلام”، فالمؤمنون الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم غير المتشائمين.
الصفة الثانية: أنهم لا يسترقون، يعني لا يتبعون ما يفعله بعض الجهلة من الرقى، والشعوذة، والسحر. والمعروف أن الله تعالى هو الذي يضر وينفع، ولا يضر السحر ولا ينفع، ولا تنفع العقد ولا الرقى، وفي القرآن الكريم: “وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله”، ومما يتعوذ منه المسلم “وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَد”.
الصفة الثالثة: أنهم لا يكتوون، لا يستعملون الدواء بالكي، وكان هذا من عادة بعض العرب على حد قولهم آخر الدواء الكي.
وعلى هذا فالذين يدخلون الجنة بغير حساب هذه بعض صفاتهم، إلى جانب صفاتهم الأخرى من طاعة الله تعالى، وتنفيذ أوامره، واجتناب نواهيه.