قال الشيخ حافظ الحكمي في منظومته سُلَّمُ الوصول :
العلم واليقين والقبـــــول ***** والانقيـاد فادر ما أقول
والصـدق وإلاخلاص والمحبة ***** وفقك الله لما أحبــــه
يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد ـ شروط لا إله إلا الله :
الشرط الأول :( العلم ) بمعناها المراد منها نفياً وإثباتاً المنافي للجهل بذللك ، قال الله تعالى : “فاعلم أنه لا إله إلا الله ” وقال تعالى : ” إلا من شهد بالحق ” أي: بلا إله إلا الله ” وهم يعلمون ” بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم .
وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : “من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ” .
الشرط الثاني :( اليقين ) بأن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً ، فإن إلايمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، فكيف إذا دخله الشك ، قال الله عز وجل : ” إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ” فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي: لم يشكوا ، فأما المرتاب فهو من المنافقين .
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ : ” أشهد إلا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاك فيهما إلا دخل الجنة ” وفي رواية : لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيُحجب عن الجنة “.
وفيه عنه رضي الله عنه من حديث طويل أن النبي ﷺ بعثه بنعليه ، فقال ” من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة ” الحديث ، فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه غير شاك فيها ، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط .
الشرط الثالث : ( القبول ) لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، وقد قصَّ الله عز وجل وجل علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قَبِلها وانتقامه ممن ردها وأباها قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ، وقفوهم إنهم مسؤلون) إلى قوله : ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا ألهتنا لشاعر مجنون ) فجعل الله علة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول لا إله إلا الله ، وتكذيبهم من جاء بها ، فلم ينفوا ما نفته ، ولم يثبتوا ما أثبتته ، بل قالوا انكاراً واستكباراً ( أجعل إلالهة إلهاً واحداً إن هذا لشيءٌ عجاب . وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على ألهتكم إن هذا لشيءٌ يُراد . ما سمعنا بهذا في الملة إلاخرة إن هذا إلا اختلاق ) فكذبهم الله عز وجل ، وردَّ ذلك عليهم على لسان رسوله ﷺ ، فقال ( بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) … ثم قال في شأن من قبلها : ( إلا عباد الله المخلصين . أولئك لهم رزقٌ معلوم . فواكه وهم مكرمون . في جنات النعيم ) .
وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال : ” مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير . وأصاب منها طائفة أُخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تُنبت كلأً ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذللك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به ” .
الشرط الرابع :( الانقياد ) لما دلت عليه المنافي لترك ذلك ، قال الله عز وجل ( ومن يُسلم وجهه لله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى ) أي بلا إله إلا الله ( وإلى الله عاقبة إلامور ) ومعنى يُسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن موحد ، ومن لم يسلم وجهه إلى الله ولم يك محسناً فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى ، وهو المعني بقوله عز وجل بعد ذلك ( ومن كفر فلا يحزنك كفره ، إلينا مرجعهم فننبؤهم بما عملوا ) وفي حديث صحيح أن رسول الله ﷺ قال ” لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جِئت به” وهذا هو تمام إلانقياد وغايته .
الشرط الخامس :( الصدق ) فيها المنافي للكذب ، وهو أن يقولها صدقاً من قلبه يواطىء قلبه لسانه ، قال الله عز وجل:( آلم أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يُفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) وقال في شأن المنافقين الذين قالوها كذباً ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم إلاخر وما هم بمؤمنين . يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون . في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )
وفي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي لله عنه عن النبي ﷺ ” ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار”.
الشرط السادس :( إلاخلاص ) وهو تصفية العمل عن جميع شوائب الشرك قال تبارك وتعالى : ( إلا لله الدين الخالص ) وقال : ( قل الله أعبد مخلصاً له ديني ) وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال : ” أسعد الناس بشفاعتي من قال : لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه ” …
الشرط السابع :( المحبة ) لهذه الكلمة ولما اقتضته ، ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها ، وبغض ما ناقض ذلك ، قال الله تعالى : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ) فأخبر الله تعالى أن الذين آمنوا أشد حباً لله ؛ وذلك لأنهم لم يشركوا معه في محبته أحدا كما فعل مدعوا محبته من المشركين الذين اتخذوا من دونه أنداداً يحبونهم كحبه .
وفي الصحيحين من حديث أنس قال : قال رسول الله ﷺ : ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ” .