لا يجوز شراء الأشياء المسروقة وذلك لفساد صحة العقد، ومحاصرة للجريمة ومنعًا لانتشارها، ومن يفعل ذلك يكون له نصيب من غضب الله.
وفي هذا يقول الأستاذ الدكتور محمد السيد أحمد المسير :

شرط صحة البيع أن يكون البائع مالكًا لما يبيع، والمسروق لا يُملَك لأنه حق الغير، وإذا علم المشتري بسرقة الشيء المَبِيع بطل العقد، وبالتالي فلا يجوز شرعًا ترويج بضاعة مسروقة ولا الاتِّجار فيها، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) (البقرة: 188).
وقال ـ صلى الله عليه وسلم: “كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه .
ويجب أن نحاصر الجريمة ونمنع المجرم من الانتفاع بآثار جريمته، ويجب رد الحقوق لأصحابها. وكل من شارك في ضياع حقوق المسلم سرقةً أو إيواءً أو اتجارًا له نصيب من غضب الله عز وجل .
وشأن مجتمع المسلمين أن يعيشوا عباد الله إخوانًا، وأن يأمن الناس فيه على الحرماتِ، وأن تظل الأمانة بمعناها العام عنوانه الشريف وواقعه المُعاش .

جزاء السارق :
وحفاظًا على هذه القيم جعل الإسلام عقوبة مردعة لمن تثبت سرقته؛ فحددت الشريعة الإسلامية ألوانًا من العقوبات تُطارد بها شوارد المجتمع البشري كي يتحقق الأمن ويشعر الناس بالطمأنينة. ولا أحد يعلم ما يُصلح النفس البشرية غير خالقها: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك: 14) .
من هذه الحدود حد السرقة، وهو ثابت بالقرآن والسنة وإجماع العلماء قال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (المائدة: 38) .
وعندما أهمَّ قريشًا شأنُ المرأة المخزومية التي سرقت كلَّموا أسامةَ بن زيد أن يشفع عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فغَضِب الرسول وقام خطيبًا فقال: “أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ لقُطعت يدها “.
وإذا ثبتت السرقة بضوابطها الشرعية فإن الحد أن تُقطَع يده اليمنى فقط، ولو تعددت السرقة قبل القطع، فإن ثبتت السرقة عليه مرة أخرى بعد قطع يُمناه، فأكثر العلماء على قطع رجله اليسرى؛ لئلا يفوت جنس المنفعة عليه، فتُترك يدُه اليُسرى ينتفع بها، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لو سرق الثالثة وتأصَّلت الجريمة في عُروقه قُطِعت يده اليُسرى فإن سرق الرابعةَ قُطِعت رجله اليمنى .

وما نظن إنسانًا بعد ذلك يُمكنه أن تُحدِّثه نفسُه بالسرقة، حتى وإن حدَّثته فإنه لا يستطيع تنفيذها .
وعلى فرض وقوع السرقة بعد ذلك فليس هناك في حقه حد يُقام، وإنما يُعزَّر بما يراه الإمام في حقه من حبسه أو ضربه أو ما شابَه ذلك .
وما ورد من آثار تفيد قتل السارق في الخامسة فليس فيها حديث صحيح وهي مُنكَرة لا أصل لها. وكفى بالسارق نكالًا أن تُقطَع يده ورجلاه .
ومن ذلك نتبَيَّن مدى حرص الإسلام على المِلْكية الخاصة. وقيامه على أمن المجتمع وطهارته .