يجب أن تكون نية المضحي خالصة لله تعالى ، ويختار أضحية لا عيب فيها ، ويمكنه أن يذبحها بنفسه أو ينيب عنه من يذبحها ، ويكثر من الدعاء أثناء الذبح ، ويلتزم آداب الذبح بصفة عامة ، ويستحب أن يسوق الأضحية برفق قبل الذبح .

يقول الأستاذ الدكتور : حسام الدين بن موسى عفانة أستاذ الفقه في جامعة القدس :
الأضحية من السنن المؤكدة الثابتة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام وقد ذكر أهل العلم عدة أمور ينبغي على المضحي أن يلتزم بها عند ذبح أضحيته وبعده منها :

أولاً : النية :
أن ينوي عند شراء البهيمة أنها أضحية ، وهذه النية تكفي إن شاء الله . ولا بدَّ من النية ، لأن الأضحية عبادة ، والعبادة لا تصح إلا بالنية ، لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -:( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق عليه) .
والنية لا بد منها حتى نميز العمل الذي هو لله تعالى عن غيره ومن ذلك الأضحية .

قال الإمام القرافي تحت عنوان ” فيما يفتقر إلى النية الشرعية ” : “… الأوامر التي لا تكون صورتها كافية في تحصيل مصلحتها المقصودة منها ، كالصلوات والطهارات والصيام والنسك ، فإن المقصود منها تعظيم الرب سبحانه وتعالى ، بفعلها والخضوع له في إتيانها وذلك إنما يحصل إذا قصدت من أجله سبحانه وتعالى ، فإن التعظيم بالفعل بدون قصد المعظم محال ، كمن صنع ضيافة لإنسان ، فانتفع بها غيره من غير قصد ، فإنا نجزم بأن المُعَظَّمَ الذي قُصِدَ بالكرامة ، دون من انتفع بها من غير قصد ، فهذا القسم هو الذي أمر فيه صاحب الشرع بالنية ” الأمنية في إدراك النية ص27-28 .

وقد نص الفقهاء على اشتراط النية في الأضحية. قال الكاساني :” فمنها نية الأضحية لا تجزئ بدونها لأن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة ، والفعل لا يقع قربة بدون النية … فلا تتعين الأضحية إلا بالنية “. بدائع الصنائع 4/208 .

وتكفي النية بالقلب ولا يشترط التلفظ باللسان ، قال الكاساني :” ويكفيه أن ينوي بقلبه ، ولا يشترط أن يقول بلسانه ما نوى بقلبه ، كما في الصلاة ؛ لأن النية عمل القلب والذكر باللسان دليل عليها ” بدائع الصنائع 4/208

والصحيح أن التلفظ بالنية بدعة مخالفة لهدي المصطفى – صلى الله عليه وسلم -.
ولو ذبحها غير صاحبها فلا يشترط أن يتلفظ بالنية عن صاحبها .

قال الشيخ ابن قدامة معلقاً على قول الخرقي :  وليس عليه أن يقول عند الذبح ” عمَّن ” لأن النية تجزئ. [ لا أعلم خلافاً في أن النية تجزئ ، وإن ذكر من يضحي عنه فحسن ” المغني 9/456-457 .

وقال الشيخ القرافي : ” لو نوى الوكيل عن نفسه أجزأت صاحبها ، وقد اشترى ابن عمر رضي الله عنه شاة من راع فأنزلها من الجبل ، وأمره بذبحها فذبحها الراعي ، وقال : اللهم تقبل مني . فقال ابن عمر : ربك أعلم بمن أنزلها من الجبل ” الذخيرة 4/156 .

ثانياً : ربط الأضحية قبل الذبح :

استحب بعض الفقهاء أن تربط الأضحية قبل أيام النحر , لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها ، فيكون له فيها أجر وثواب ؛ لأن ذلك يشعر بتعظيم هذه الشعيرة قال الله تعالى :( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) سورة الحج الآية 32 .

ثالثاً : أن يسوق الأضحية إلى محل الذبح سوقاً جميلاً لا عنيفاً :

فقد روى عبد الرزاق بسنده عن محمد بن سيرين قال :[ رأى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – رجلاً يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال له : ويلك ! قدها إلى الموت قوداً جميلاً ] المصنف 4/493 . ورواه البيهقي سنن الكبرى 9/281 ، وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 1/36 .

رابعاً : أن يحدَّ السكين قبل الذبح :

لأن المطلوب إراحة الحيوان بأسرع وقت ممكن، وهذا من الإحسان الذي ذكره الرسول – صلى الله عليه وسلم – كما جاء في الحديث عن شداد بن أوس – رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال :( إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) رواه مسلم .

خامساً: أن لا يحد السكين أمام الحيوان الذي يريد ذبحه لأن ذلك من الإحسان المأمور به كما جاء في الحديث السابق .

وعن ابن عباس –رضي الله عنه – أن رجلاً أضجع شاة وهو يحد شفرته فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -:( أتريد أن تميتها موتات ؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها ؟ ) رواه الحاكم وقال : صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي ، ورواه عبد الرزاق في المصنف 4/393 ، والبيهقي في السنن الكبرى 9/280 ، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 1/32 .

وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أمر بحد الشفار وأن توارى عن البهائم وقال :( إذا ذبح أحدكم فليجهز ) رواه أحمد والبيهقي وابن ماجة وفيه ابن لهيعه وهو ضعيف ، ولكن يشهد له ما سبق من حديث شداد وحديث ابن عباس .

وعن عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب أن رجلاً حدَّ شفرته وأخذ الشاة ليذبحها فضربه عمر بالدرة وقال :[ أتعذب الروح ؟! ألا فعلت هذا قبل أن تأخذها ] رواه البيهقي .

سادساً: استقبال القبلة من الذابح والذبيحة :

يستحب أن يستقبل الذابح القبلة وأن يوجه مذبح الحيوان إلى القبلة . قال الإمام النووي :” استقبال الذابح القبلة وتوجيه الذبيحة إليها، وهذا مستحب في كل ذبيحة ، لكنه في الهدي والأضحية أشد استحباباً ، لأن الاستقبال في العبادات مستحب وفي بعضها واجب ” المجموع 8/408

ويدل على ذلك ما جاء في الحديث عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال :( ذبح النبي – صلى الله عليه وسلم – يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجوئين ، فلما وجههما قال : إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة إبراهيم حنيفاً ، وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي ، لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت ، وأنا من المسلمين ، اللهم منك ولك، وعن محمد وأمته باسم الله والله أكبر ثم ذبح ) رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد والدرامي ، وصححه الشيخ الألباني والشاهد في الحديث قوله ( فلما وجههما ) أي نحو القبلة . انظر إرواء الغليل 4/349 .

سابعاً: أن يتولى ذبحها بنفسه إن كان يحسن الذبح ، وإلا شهد ذبحها :
ومما يدل على استحباب تولي الإنسان أضحيته بنفسه ، ما جاء في حديث أنس –رضي الله عنه- :( أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ضحى بكبشين أقرنين أملحين وكان يسمي ويكبر ، ولقد رأيته يذبحهما بيده واضعاً رجله على صفاحهما ) رواه البخاري ومسلم .

قال الإمام البخاري في صحيحه ” باب من ذبح الأضاحي بيده ” ثم ذكر فيه حديث أنس – رضي الله عنه – السابق ، ثم ذكر في الباب الذي يليه ” وأمرَ أبو موسى بناته أن يضحين بأيديهن . ثم قال الحافظ : وصله الحاكم في المستدرك . ووقع لنا بعلو في خبرين كلاهما من طريق المسيب بن رافع أن أبا موسى كان يأمر بناته أن يذبحن نسائكهن بأيديهن وسنده صحيح . انظر صحيح البخاري مع فتح الباري 12/114-115 .

ويجوز لمن أراد الأضحية أن ينيب غيره في ذبحها وينبغي أن يوكل في ذبحها صاحب دين له معرفة بالذبح وأحكامه . فإن أناب عنه فيستحب له أن يشهد ذبحها لما ورد في حديث أبي سعيد –رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال لفاطمة رضي الله عنها :( قومي لأضحيتك فاشهديها فإنه بأول قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنبك ) رواه البيهقي والحاكم وفيه كلام لأهل الحديث ووردت عدة روايات يقوي بعضها بعضاً فتصلح للاستشهاد .

ثامناً : التسمية والتكبير عند الذبح :
ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان إذا ذبح قال :( باسم الله والله أكبر ) كما جاء ذلك في رواية لحديث أنس ـ رضي الله عنه ـ عند مسلم :( قال: ويقول باسم الله والله أكبر ) .

وثبت في رواية أخرى من حديث أنس قال :( ضحى النبي – صلى الله عليه وسلم – بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمَّى وكبر … ) الحديث رواه البخاري ومسلم .

تاسعاً : الدعاء بعد التسمية والتكبير :
والدعاء كأن يقول : اللهم تقبل مني ، أو يقول اللهم تقبل من فلان ، فهذا مشروع ومستحب ، لما ثبت في الحديث عن عائشة رضي الله عنها :( أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر بكبش يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها : يا عائشة هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر . ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به ) رواه مسلم .