يقول الشيخ جمال قطب : رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا-
العلاقة بين الشخص وبين المهندس الذي أعد الرسومات له إذا كان هناك عقد استوفى أركانه وعليه شهود (مكتوب أو شفوي) فلا بد أن ينفذ هذا العقد، ولا حجة بكلام أحد مع وجود اتفاق، ولا حتى بدعوى المهندس، ولكن الحجة في العقد المشهود عليه إذا وجد.
أما إذا لم يكن هناك عقد ولا إشهاد، فإن المسألة تصبح تقديرًا من الشخص طالب الرسوم من ناحية، وتقديرًا من المهندس من ناحية أخرى. وفي هذه الحالة فإن الشرع يقرر أنه ليس للإنسان أن يقدر قيمة عمل الآخر بعد إنجازه، إنما كان له ذلك الحق قبل بداية العمل.
وعلى ذلك فالواضح في المسأله عدة أمور يجب الانتباه لها:
1 – إذا وجد شهود على المبلغ الذي قرره طالب الرسوم، أو المبلغ الذي قرره المهندس، فيجب الالتزام بهذا المبلغ.
2 – إذا لم يكن هناك شهود فالأولى تحكيم متخصص (مهندس إنشائي آخر) يقدر قيمة عمل ذلك المهندس في زمنه، ويقبل الطرفان (الشخص والمهندس) حكم هذا (الحكم الخبير الإنشائي).
3 – لا حجة فيما فعله المهندس الثاني، فالأعمال المهنية والحرفية مهارات خاصة لكل واحد من أهلها أن يقدر قيمة عمله، وللمحتاجين إلى هذا العمل أن يختاروا من يريدون ومن يقدرون على أتعابه.
4 – لا ينبغي للمهندس التفكير بإضافة نسبة للتأخر أو الفوائد أو ما إلى ذلك إلى قيمة الرسوم بسبب التأخر في سداد المبلغ، لأن التضخم أمر لا يمكن قياسه، والأصل أن التعامل بالذهب والفضة. وما الأوراق إلا وسيلة بديلة للحفاظ على الذهب والفضة.
5 – لا يجوز الامتناع عن دفع أجر المهندس الأول بدعوى إعادة رسوماته إليه، أو بأن طالب الرسومات لم يستعمل هذه الرسومات، فإن المهندس قد أنجز العمل المطلوب، سواء استعمل أم لم يستعمل، ولا قيمة لهذه الرسومات الهندسية إلا عند طالبها لأنه تخص أرضه، فيجب دفع قيمتها المتعاقد عليها أو المحكوم بها من قبل (الخبير المتخصص). انتهى.
وهناك نفاط أخرى في هذه المسألة:-
1- بالنسبة لإرجاع الرسومات إلى المهندس، فهذا ليس واجبا؛ لأنها صارت ملكا لطالبها، ولكن لا مانع عند إعطائه أجرته إخباره بعدم استخدامها، وأنه تم الحصول على أفضل منها بأقل من سعر المهندس الأول بكثير حتى يكون على بينة بسعر السوق فيما بعد، وحتى يعرف أنه سيدفع له ماله بالرغم من أن طالب الرسوم لم يستفيدوا منها شيئا خوفا من الله تعالى.
2- لا يجب على طالب الرسوم أن يرد إلى المهندس إلا مثل العدد الذي يحكم به المجلس، فإذا قرر المجلس أن قيمة الرسومات خمسمائة في وقت رسمها فليس للمهندس أن يطالب بأكثر منها بدعوى تعويضه عن فقدان المال لقوته الشرائية، فإن الأصل في الشرع أن الديون تقضى بأمثالها لا بقيمتها.
فقد جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي ما يأتي :-
العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما ، هي بالمثل وليس بالقيمة ، لأن الديون تُقضى بأمثالها ، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة ، أيا كان مصدرها ، بمستوى الأسعار .