السترة أمام المصلي من الأمور التي تساعده على الخشوع،حتى لا ينشغل بمن يمر أمامه، وقد جاء النهي عن المرور أمام المصلي، لأن الإنسان في الصلاة يكون في حضرة الله،فلا ينشغل بشيء عنه.

وقد تنوعت آراء الفقهاء في حكمها،والراجح أنها مندوبة ،وقيل:هي سنة ،وأضعف الآراء أنها واجبة ،وهو قول لا يمكن التعويل عليه .

فعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي قال { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم – وهو في قبة له حمراء من أدم – قال : فخرج بلال بوضوء ، فمن ناضح ونائل(الناضح الآخذ من الماء لجسده تبركاً ببقية وضوئه صلى اللَّه عليه وآله وسلم والنائل الآخذ من ماء في جسد صاحبه لفراغ الماء لقصد التبرك. وقيل أن بعضهم كان ينال ما لا يفضل منه شيء وبعضهم كان ينال منه ما ينضحه على غيره).

قال : فخرج النبي صلى الله عليه وسلم عليه حلة حمراء ، كأني أنظر إلى بياض ساقيه ، قال : فتوضأ وأذن بلال ، قال : فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا ، يقول يمينا وشمالا : حي على الصلاة ; حي على الفلاح ثم ركزت له عنزة (عصا) ، فتقدم وصلى الظهر ركعتين ، ثم نزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة }.

يقول الإمام ابن دقيق العيد في كتابه الإحكام شرح عدة الأحكام تعليقا على هذا الحديث:

فيه دليل على استحباب وضع السترة للمصلي ، حيث يخشى المرور كالصحراء . ودليل على الاكتفاء في السترة بمثل غلظ العنزة . ودليل على أن المرور من وراء السترة غير ضار .انتهى

يقول الفقيه الحنفي المرغيناني في كتابه الهداية شرح بداية المبتدي:

( وينبغي لمن يصلي في الصحراء أن يتخذ أمامه سترة ) لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا صلى أحدكم في الصحراء فليجعل بين يديه سترة } ( ومقدارها ذراع فصاعدا ) لقوله عليه الصلاة والسلام { أيعجز أحدكم إذا صلى في الصحراء أن يكون أمامه مثل مؤخرة الرحل } ( وقيل ينبغي أن تكون في غلظ الأصبع ) لأن ما دونه لا يبدو للناظر من بعيد فلا يحصل المقصود ( ويقرب من السترة ) لقوله عليه الصلاة والسلام { من صلى إلى سترة فليدن منها } ( ويجعل السترة على حاجبه الأيمن أو على الأيسر ) به ورد الأثر ولا بأس بترك السترة إذا أمن المرور ولم يواجه الطريق .

وفي مواهب الجليل للحطاب المالكي بتصرف :

قال ابن ناجي(من فقهاء المالكية ) : اختلف في حكم السترة على ثلاثة أقوال :

الأول أنها مستحبة قاله عياض ومثله قول الباجي : مندوبة .

الثاني : سنة.

الثالث واجبة خرجه ابن عبد السلام من تأثيم المار وله مندوحة ورده ابن عرفة بأن اتفاقهم على تعلق التأثيم بالمرور نص في عدم الوجوب وإلا لزم دون مرور وفي التوضيح الأمر أمر ندب كذا قال الباجي وغيره التونسي ،قال ابن مسلمة: ومن ترك السترة فقد أخطأ ولا شيء عليه ، وقال ابن حبيب : السنة الصلاة إلى السترة وأن ذلك من هيئة الصلاة ، ومن سننها .